الفعل ، والأمر طريق إلى إيصال أمر المولى إلى المكلف بهذا الفعل ، وهذا القسم هو الغالب والمتعارف من الأمر بالأمر بشيء لا القسم الأوّل.
الثالث : أن يكون الغرض قائماً بهما معاً ، بمعنى أنّ الفعل مطلوب من المأمور الثاني بالأمر من المأمور الأوّل لا مطلقاً ، بحيث لو اطّلع المكلف من طريق آخر على أمر المولى من دون واسطة أمره لم يجب عليه إتيانه ، فوجوب إتيانه عليه منوط بأن يكون اطلاعه على أمر المولى بواسطة أمره لا مطلقاً ، فإذن هذا القسم يكون واسطةً بين القسم الأوّل والثاني.
ونقطة الفرق بين هذه الوجوه : هي أنّه على الوجه الأوّل لا يجب الفعل على الثاني ، لفرض أنّ غرض المولى يحصل من صدور الأمر من الأوّل ، سواء صدر الفعل من الثاني أيضاً أم لا ، فإذا صدر الأمر منه فقد حصل الغرض. وعلى الوجه الثاني يجب الفعل عليه ولو فرض أنّه اطّلع على أمر المولى به من طريق آخر غير الأمر من المأمور الأوّل. وعلى الوجه الثالث يجب عليه الاتيان به إذا أمر به المأمور الأوّل لا مطلقاً ، هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى : أنّ الظاهر من الأمر بالأمر بشيء هو القسم الثاني دون القسم الأوّل والثالث ، ضرورة أنّه المتفاهم من ذلك عرفاً ، فلو أمر المولى أحداً بأن يأمر زيداً مثلاً بفعل كذا ، الظاهر منه هو هذا القسم دون غيره.
ومن هنا يظهر أنّ ما أفاده المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) من أنّه لا دلالة بمجرد الأمر بالأمر بشيء على كونه أمراً به ، بل لا بدّ للدلالة عليه من قرينة ، لا يمكن المساعدة عليه بوجه ، لما عرفت من أنّه دال على ذلك بمقتضى الفهم العرفي ، ولا حاجة في الدلالة عليه من نصب قرينة.
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٤٤