الخارج تتحقق بتحقق فرد منها ، فلو أوجد المكلف فرداً منها فقد أوجد الطبيعة فلم تترك.
وإلى ذلك أشار المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) بما حاصله : هو أنّه لا فرق بين الأمر والنهي في الدلالة الوضعية ، فكما أنّ صيغة الأمر تدل وضعاً على طلب إيجاد الطبيعة من دون دلالة لها على الدوام والتكرار ، فكذلك صيغة النهي تدل وضعاً على طلب ترك الطبيعة بلا دلالة لها على الدوام والاستمرار.نعم ، تختلف قضيتهما عقلاً ولو مع وحدة المتعلق ، بأن تكون طبيعة واحدة متعلقة للأمر مرّةً وللنهي مرّة اخرى ، ضرورة أنّ وجودها بوجود فردٍ واحد من أفرادها ، وعدمها لا يمكن إلاّبعدم الجميع.
ومن هنا قال قدسسره : إنّ الدوام والاستمرار إنّما يكون في النهي إذا كان متعلقه طبيعة مطلقة غير مقيدة بزمان أو حال ، فانّه حينئذ لا يكاد يكون مثل هذه الطبيعة معدومةً إلاّبعدم جميع أفرادها الدفعية والتدريجية. وبالجملة قضية النهي ليس إلاّترك تلك الطبيعة التي تكون متعلقة له ، كانت مقيدة أو مطلقة ، وقضية تركها عقلاً إنّما هو ترك جميع أفرادها.
أقول : إنّ كلامه قدسسره هذا صريح فيما ذكرناه من أنّ النهي لا يدل وضعاً إلاّعلى ترك الطبيعة ، سواء أكانت مطلقة أم مقيدة. نعم ، لو كانت الطبيعة مقيدة بزمان خاص أو حال مخصوص لم يعقل فيها الدوام والاستمرار ، وكيف كان ، فالنهي لا يدل إلاّعلى ذلك ، ولكن العقل يحكم بأنّ ترك الطبيعة في الخارج لا يمكن إلاّبترك جميع أفرادها العرضية والطولية.
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٤٩