وإن اريد منها الطبيعة السارية إلى تمام أفرادها ومصاديقها ، فهي وإن كان يتوقف عدمها كلّياً في الخارج على عدم جميع أفرادها العرضية والطولية ، إلاّ أنّ هذا من ناحية ملاحظة وجود تلك الطبيعة على نحو الانحلال والسريان إلى جميع أفرادها ، ومن الواضح جداً أنّ عدم مثل هذه الطبيعة الذي هو بديلها ونقيضها لا يمكن إلاّبعدم تمام أفرادها في الخارج ، ولكن أين هذا من الطبيعة التي توجد في الخارج بوجود فرد منها ، فانّ المقابل لهذه الطبيعة ليس إلاّ الطبيعة التي تنعدم بعدم ذلك الفرد ، ضرورة أنّ الوجود الواحد لا يعقل أن يكون نقيضاً لعدم الطبيعة بتمام أفرادها ، بل له عدم واحد وهو بديله ونقيضه. وأمّا المقابل للطبيعة التي يتوقف عدمها على عدم جميع أفرادها العرضية والطولية ، هو الطبيعة الملحوظة على نحو الاطلاق والسريان إلى تمام أفرادها كذلك ، لا الطبيعة المهملة التي توجد في ضمن فرد واحد.
وهذا بيان إجمالي لعدم كون الطبيعة الملحوظة على نحو توجد بايجاد فرد واحد مقابلاً للطبيعة الملحوظة على نحو تنتفي بانتفاء جميع أفرادها ، وسيأتي بيانه التفصيلي فيما بعد إن شاء الله تعالى.
وعلى هدى ذلك البيان الاجمالي قد ظهر أنّه لا أصل لما هو المشهور من أنّ صرف وجود الطبيعة يتحقق بأوّل الوجود ، وصرف تركها لا يمكن إلاّبترك جميع أفرادها ، والوجه في ذلك : هو أنّ صِرف ترك الطبيعة كصِرف وجودها ، فكما أنّ صِرف وجودها يتحقق بأوّل وجود ، فكذلك صرف تركها يتحقق بأوّل ترك ، ضرورة أنّ المكلف إذا ترك الطبيعة في آنٍ مّا لا محالة يتحقق صرف الترك ، كما أنّه لو أوجدها في ضمن فردٍ مّا يتحقق صرف الوجود ، فلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلاً ، وهذا لعلّه من الواضحات الأوّلية.
نعم ، لو كان المطلوب في النواهي هو ترك الطبيعة مطلقاً ، لا يمكن تحققه إلاّ