الثاني : فيما لو شككنا في فرد أنّه من أفراد الطبيعة التي كان المطلوب تركها أم لا.
فعلى الصورة الاولى : لا يجب تركه ، لفرض أنّ المطلوب في هذه الصورة صرف تركها ، والمفروض أنّه يتحقق بتركها آناً ما ، ومعه ـ أي مع تركها آناً ما ـ يجوز له إيجادها في الخارج في ضمن أفرادها المتيقنة في بقية الآنات والأزمنة فضلاً عن أفرادها المشكوكة ، وهذا ظاهر.
وعلى الصورة الثانية : فبما أنّ مردّ الشك في كون هذا الموجود فرداً له أو ليس بفرد له ، إلى الشك في تعلق التكليف به ، فلا مناص من الرجوع إلى أصالة البراءة عنه ، لفرض أنّه شك في تكليف مستقل ، وهو القدر المتيقن من موارد الرجوع إليها.
وعلى الصورة الثالثة : فبما أنّ المورد داخل في كبرى مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين ، فلا محالة يرتكز جريان البراءة فيه وعدم جريانها على القول بجريان البراءة وعدمه في تلك المسألة ، فإن قلنا فيها بجريان أصالة البراءة عن وجوب الأكثر العقلية والنقلية ، فنقول بها كذلك في المقام أيضاً ، وإن لم نقل به فيها فلا نقول هنا أيضاً ، وحيث إنّا قد اخترنا في تلك المسألة جريان أصالة البراءة عن وجوبه عقلاً وشرعاً ، فلا مناص من الالتزام به في المقام.
وقد ذكرنا هناك (١) أنّه لا وجه لما عن المحقق صاحب الكفاية قدسسره من التفصيل بين البراءة الشرعية والعقلية ، فالتزم بجريان الاولى دون الثانية ، وذلك لأنّ ما توهّم من المانع عن جريان البراءة العقلية هنا منحصر في أمرين لا ثالث لهما :
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٦٣ ـ ٣٦٦