حرمته الذاتية غير مستفادة من النهي عن لبسه حال الصلاة ، ضرورة أنّ هذا النهي لا يكون إلاّ إرشاداً إلى مانعيته عنها ، ولا يدل على حرمته أصلاً ، وحاله من هذه الناحية حال النهي عن بقية الموانع حال الصلاة ، بل لا بدّ من استفادتها من دليل آخر أو من قرينة خارجية ، كما هو ظاهر.
ومن ذلك يظهر حال الأوامر الواردة في أبواب العبادات بشتّى أشكالها ، أنّها أوامر إرشادية ، فتكون إرشاداً إلى الجزئية أو الشرطية ، كالأمر بالركوع والسجود والقيام واستقبال القبلة والطهور وما شاكلها ، فانّها إرشاد إلى جزئية الركوع والسجود للصلاة ، وشرطية القيام والاستقبال والطهور لها.
ومما يؤكّد ذلك : وجود هذه الأوامر في أبواب المعاملات ، فانّه لا إشكال في كون تلك الأوامر هناك إرشادية ، ضرورة أنّ مثل قوله عليهالسلام : « اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل » (١) أو نحوه ، لا يحتمل فيه غير الارشاد إلى نجاسة الأبوال ، وأنّ المطهر للثوب المتنجس بها هو الغسل ، وهكذا الحال في بقية الأوامر الواردة فيها.
الرابعة : أنّ التروك المأخوذة في متعلق الأمر مرّةً تكون مأخوذة على نحو الاستقلال بأن تكون تلك التروك واجبة بوجوب استقلالي ، ومرّة اخرى تكون مأخوذة على نحو القيدية بأن تكون واجبة بوجوب ضمني ، فالقسم الأوّل وقوعه في الشريعة في غاية القلّة ، وأمّا القسم الثاني فهو في غاية الكثرة في باب العبادات والمعاملات ، كما أنّ الوجودات المأخوذة في متعلق الأمر مرّةً تكون على نحو الاستقلال ، واخرى على نحو القيدية والجزئية ، والأوّل كالصلاة والصوم وما شاكلها ، والثاني كالركوع والسجود والقيام والطهور ونحوها ، وكلا
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٠٥ / أبواب النجاسات ب ٨ ح ٢