وقد يطلق الواحد ويراد منه ما لا يكون كلّياً فيقال هذا واحد ليس بكلّي قابل للانطباق على كثيرين ، والنسبة بين الواحد بهذا المعنى والواحد بالمعنى الأوّل هي عموم مطلق ، فانّ الأوّل أعم من هذا لشموله الواحد بالشخص والواحد بالنوع والواحد بالجنس ، دون هذا فانّه خاص بالأوّل فحسب. وبعد ذلك نقول : إنّ المراد من الواحد في محل الكلام هو الواحد بالمعنى الأوّل دون الثاني ، بمعنى أنّ هذه الحصة من الصلاة مثلاً وهي الصلاة في الأرض المغصوبة مجمع لمتعلقي الأمر والنهي ومورد لتصادقهما ، وإن كانت في نفسها كلّياً قابلاً للانطباق على الأفراد الكثيرة في الخارج العرضية والطولية ، كما عرفت.
فالنتيجة : أنّ هذه الحصة بما لها من الأفراد مجمع لهما ومحل للتصادق والاجتماع في مقابل ما إذا لم يكن كذلك ، بأن يكون مصداق المأمور به حصة ، ومصداق المنهي عنه حصة اخرى مباينة للُاولى بما لها من الأفراد الدفعية والتدريجية.
وعلى ضوء هذا البيان يظهر خروج مثل السجدة والقتل والكذب وما شاكلها من الطبائع الكلّية التي يتعلق الأمر بحصة منها والنهي بحصة اخرى منها عن محل الكلام في المسألة ، فانّ هذه الطبائع وإن كانت واحدةً بالنوع أو الجنس ، إلاّ أنّها ليست مجمعاً لمتعلقي الأمر والنهي معاً ، فانّ الأمر تعلق بحصة منها وهي السجود لله تعالى ، والنهي تعلق بحصة اخرى منها وهي السجود لغيره تعالى ، وهاتان الحصتان متباينتان فلا تجتمعان في موردٍ واحد ، ولا تنطبق إحداهما على ما تنطبق عليه الاخرى ، وليس هنا شيء يكون مجمعاً لمتعلقي الأمر والنهي ، ومحلاً لاجتماعهما فيه ، ضرورة أنّ طبيعي السجود بما هو ليس مجمعاً للأمر والنهي ليكون داخلاً في محل البحث في هذه المسألة ، بل الأمر كما عرفت تعلق بحصة ، والنهي تعلق بحصة مباينة لها ، فلا تجتمعان في مورد أصلاً.