مقام الامتثال ، وأمّا إذا كانت مندوحة له بأن يتمكن من امتثال كلا التكليفين معاً ، غاية الأمر أحدهما بنفسه والآخر ببدله ، فهل يدخل ذلك في كبرى مسألة التزاحم أم لا؟ وجهان.
فقد اختار شيخنا الاستاذ قدسسره (١) الوجه الأوّل ، بدعوى أنّه لا فرق في تحقق المزاحمة بين حكمين بين أن تكون هناك مندوحة للمكلف أم لم تكن ، ومن هنا قال قدسسره إنّ أوّل مرجحات باب التزاحم هو ما إذا كان لأحد الحكمين المتزاحمين بدل دون الحكم الآخر ، فيتقدّم ما ليس له بدل على ما له بدل في مقام المزاحمة ، وهذا إنّما يتحقق في أحد موردين :
الأوّل : ما إذا زاحم بعض أفراد الواجب التخييري الواجب التعييني ، كما إذا وقعت المزاحمة بين صرف المال الموجود عنده في نفقة عياله وصرفه في إطعام ستّين مسكيناً مثلاً بعد فرض أنّه لا يكفي إلاّلأحدهما فحسب ، وحيث إنّ للثاني بدلاً في عرضه ـ وهو صوم شهرين متتابعين ـ فيتقدّم الأوّل عليه في صورة المزاحمة مطلقاً ولو كان ما له البدل أهم منه.
الثاني : ما إذا وقعت المزاحمة بين الأمر بالوضوء أو الغسل ، والأمر بغسل الثوب أو البدن للصلاة ، وبما أنّ للوضوء أو الغسل بدلاً في طوله ـ وهو التيمم ـ فيتقدّم الأوّل عليه ، فتنتقل الوظيفة إلى التيمم.
أقول : أمّا المورد الأوّل : فقد تقدّم الكلام فيه (٢) بشكل واضح في بحث الضد عند التكلم عن مرجحات باب التزاحم ، وقلنا هناك إنّه خارج عن كبرى هذا الباب ، وذلك لما ذكرناه في بحث الواجب التخييري من أنّ الواجب هو
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٤
(٢) في ص ٢٥