الثاني باطل جزماً.
وعلى الجملة : فلو كان صدق الطبيعتين الكلّيتين كالصلاة والغصب مثلاً على شيء مجدياً في رفع محذور استحالة اجتماع الوجوب والحرمة وموجباً لتعدده ، لكان صدق الطبيعتين الجزئيتين عليه مجدياً في ذلك وموجباً لتعدده ، فلا فرق بينهما من هذه الناحية أبداً ، ضرورة أنّ الصلاة في الدار المغصوبة إذا كانت متحدة مع الغصب خارجاً فلا مناص من القول بالامتناع ، من دون فرق بين تعلّق الأمر بالطبيعة وتعلقه بالفرد ، غاية الأمر على الأوّل يكون الفرد مصداقاً للمأمور به ، وعلى الثاني يكون بنفسه مأموراً به ، وهذا لا تعلّق له بما نحن بصدد إثباته ، وإذا فرض أنّها غير متحدة معه في الخارج بأن يكون التركيب بينهما انضمامياً لا اتحادياً فلا مناص من القول بالجواز ، من دون فرق في ذلك بين القول بتعلق الأوامر بالطبائع وتعلقها بالأفراد.
فالنتيجة : أنّ هذا التفصيل بالتحليل العلمي لا يرجع إلى معنىً محصّل أصلاً ، إلاّ أن يوجّه ذلك إلى معنىً معقول ، وهو ما أشرنا إليه سابقاً من أنّ وجود كل فرد يمتاز في الخارج عن وجود فرد آخر ويباينه ، ولهذا الوجود فيه لوازم ولتلك اللوازم وجودات بأنفسها في قبال وجود ذلك الفرد ، ويعبّر عنها مسامحة بالمشخّصات ، وهي عبارة عن الأعراض الطارئة على هذا الوجود الجوهري ، ككمّه وكيفه وأينه وما شاكل ذلك.
وعلى هذا ، فإن قلنا بتعلق الأحكام بالطبائع فتلك الأعراض الملازمة لوجود الفرد خارجة عن حيّز الأمر ، فإذن لا مانع من تعلق النهي بها ، لفرض أنّ الأمر تعلق بشيء والنهي تعلق بشيء آخر ، غاية الأمر أنّه ملازم لوجود المأمور به في الخارج ، فلا يلزم محذور اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد. وعليه فلا مناص من القول بالجواز.