وإن قلنا بتعلقها بالأفراد فتكون تلك الأعراض الملازمة لها في الخارج داخلة في متعلق الأمر ، بمعنى أنّ الأمر لم يتعلق بها فحسب ، بل تعلق بها مع لوازمها وأعراضها ، وعليه فإذا فرض تعلق النهي بتلك الأعراض ، فيلزم اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد ، مثلاً الصلاة في الدار المغصوبة ملازمة للغصب فيها والتصرف في مال الغير ، فعندئذ إن قلنا بكون متعلق الأمر هو طبيعي الصلاة فلا يسري الأمر منه إلى الغصب الملازم لوجود ذلك الطبيعي في الخارج ، لفرض أنّ الأمر متعلق بالطبيعة فحسب ، وعليه فلا يلزم اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد. وإن قلنا بكون متعلقه هو الفرد دون الطبيعي فحيث إنّه لم يتعلق به فحسب على الفرض ، بل تعلق به وبلوازمه ، فلا محالة يلزم اجتماع الوجوب والحرمة في شيء واحد ، وهو محال.
ولكن قد عرفت فساد ذلك وملخّصه : هو أنّه لا فرق في ذلك بين تعلق الأوامر بالطبائع وتعلقها بالأفراد أصلاً ، فكما أنّه على تقدير تعلقها بالطبائع تلك الأعراض واللوازم خارجة عن متعلقها ، فكذلك على تقدير تعلقها بالأفراد ، لما عرفت من أنّ تلك الوجودات ليست من مشخّصاتها ، ضرورة أنّ تشخص كل وجود بنفسه ، بل هي من عوارضها التي تعرّض عليها في الخارج وملازمة لوجوداتها فيه ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : أنّ الأوامر متعلقة بنفس الأفراد على القول به ، لا بها وبلوازمها الخارجية ، ضرورة أنّ القائلين بتعلقها بالأفراد لا يقولون بذلك كما هو المفروض ، وعليه فلا مجال لدعوى أنّه على القول بتعلق الأمر بالأفراد هو أنّه متعلق بها وبأعراضها معاً فيلزم عندئذ اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد وهو محال ، فإذن يبقى دعوى أنّ النهي المتعلق بهذا الفرد من الغصب يسري إلى لازمه ـ وهو الصلاة في مفروض الكلام ـ باعتبار أنّها لازمة لوجود الغصب