من الترجيح والتخيير ، وإلاّ فلا تعارض في البين ، بل كان من باب التزاحم بين المقتضيين ، فربما كان الترجيح مع ما هو أضعف دليلاً ، لكونه أقوى مناطاً ، فلا مجال حينئذ لملاحظة مرجحات الروايات أصلاً ، بل لا بدّ من مرجحات المقتضيات المتزاحمات ، كما تأتي الاشارة إليها. نعم ، لو كان كل منهما متكفلاً للحكم الفعلي لوقع بينهما التعارض ، فلابدّ من ملاحظة مرجحات باب المعارضة لو لم يوفق بينهما بحمل أحدهما على الحكم الاقتضائي بملاحظة مرجحات باب المزاحمة فتفطن (١).
نلخّص ما أفاده قدسسره في عدّة نقاط :
الاولى : أنّ مسألتنا هذه ترتكز على ركيزة واحدة وتدور مدارها وجوداً وعدماً ، وهي أن يكون المجمع لمتعلقي الأمر والنهي في مورد الاجتماع والتصادق مشتملاً على ملاك كلا الحكمين معاً ، مثلاً الصلاة في الدار المغصوبة التي تكون مجمعاً لمتعلقي الأمر والنهي إنّما تكون من أفراد هذه المسألة إذا كانت مشتملة على ملاك كلا الحكمين ، وعليه فالمجمع ـ على القول بالجواز ـ يكون محكوماً بكلا الحكمين معاً ، لفرض وجود الملاك لهما من ناحية ، وعدم التنافي بينهما من ناحية اخرى. وعلى القول بالامتناع يكون محكوماً بأقوى الملاكين إذا كان أحدهما أقوى من الآخر ، وأمّا إذا كانا متساويين فهو محكوم بحكم آخر غير هذين الحكمين بمقتضى أصل لفظي أو أصل عملي ، لفرض أنّه لا أثر لملاكهما عندئذ. وأمّا إذا فرض أنّ المجمع لم يكن مشتملاً على ملاك كلا الحكمين معاً ، فلا يكون من هذا الباب ـ أي باب الاجتماع ـ من دون فرق في ذلك بين أن يكون مشتملاً على ملاك أحدهما أم لا.
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٥٤ ـ ١٥٥