وعليه فلا معنى لما ذكر من كونه واجداً للماء فلا يكون مأموراً بالتيمم. هذا تمام الكلام في دوران الأمر بين جزأين أو شرطين أو شرط وجزء لواجب واحد.
وأمّا إذا دار الأمر بين جزء أو شرط وواجب آخر ، كما إذا كان عند المكلف ماء لايكفي للوضوء ولرفع عطش نفسه أو من هو مشرف على الهلاك معاً ، ففي مثل ذلك وإن وقعت المزاحمة بين وجوب صرف هذا الماء في الوضوء أو الغسل ووجوب صرفه في واجب آخر ، إلاّ أنّ تقديم صرفه في واجب آخر كرفع العطش أو نحوه على صرفه في الوضوء أو الغسل ليس من جهة ما ذكره شيخنا الاستاذ قدسسره من تقديم ما ليس له بدل على ما له بدل ، وبما أنّ الوضوء أو الغسل له بدل وهو التيمم فيقدّم عليه الواجب الآخر ، بل من ناحية ما ذكرناه غير مرّة من أنّ المراد من الوجدان في الآية المباركة المأخوذ في موضوع وجوب الوضوء أو الغسل ليس مطلق وجوده في الخارج ، بل المراد منه بمعونة القرائن الخارجية والداخلية وجوده الخاص وهو ما تمكن المكلف من استعماله عقلاً وشرعاً ، ولا يكفي التمكن العقلي فحسب.
وعلى هذا فبما أنّ المكلف مأمور بصرف هذا الماء في واجب آخر لم يعتبر فيه شيء ما عدا القدرة عليه تكويناً ، فلا محالة يكون عاجزاً عن صرفه في الوضوء أو الغسل ، فاذن تنتقل وظيفته إلى التيمم.
فالنتيجة : أنّ وجه تقديم وجوب صرف الماء في واجب آخر على وجوب صرفه في الوضوء أو الغسل ما ذكرناه من أنّ المكلف في هذا الحال غير واجد للماء ووظيفته حينئذ بمقتضى الآية المباركة هي التيمم لا غيره ، لا ما أفاده شيخنا الاستاذ قدسسره.
وقد تلخص مما ذكرناه : أنّ هذا الفرع أيضاً ليس من صغريات الكبرى المتقدمة.