ليس شيء منها صغرى للكبرى المتقدمة ، وهي تقديم ما ليس له بدل على ما له بدل.
ثمّ إنّ من الغريب ما عن بعض المحدثين (١) في المقام من الحكم بسقوط الصلاة في هذا الفرض ، بدعوى أنّه فاقد للطهورين ، أمّا الطهارة المائية من الوضوء أو الغسل فلا يتمكن منها ، لأنّها توجب تفويت الصلاة عن الوقت وهو غير جائز ، وأمّا الطهارة الترابية فغير مشروعة ، لأنّ مشروعيتها منوطة بفقدان الماء وعدم وجدانه ، والمفروض هنا أنّ المكلف واجد للماء ، إذن تسقط الصلاة عنه باعتبار أنّه فاقد الطهورين.
ووجه غرابته ما ذكرناه في غير مورد من أنّ المراد من الوجدان ليس وجوده الخارجي ، بل المراد منه من جهة القرائن الداخلية والخارجية وجوده الخاص ، وهو ما تمكن المكلف من استعماله في الوضوء أو الغسل عقلاً وشرعاً ، وفي المقام بما أنّه لا يتمكن من استعماله شرعاً ، لأجل أنّه يوجب تفويت الوقت وهو غير جائز ، فلا محالة تنتقل وظيفته إلى التيمم.
وعلى الجملة : فقد تقدّم أنّ المكلف مأمور بالصلاة في أوقاتها بمقتضى الآيات والروايات ، وأنّ تلك الصلاة مشروطة بالطهارة المائية في فرض التمكن منها عقلاً وشرعاً ، وبالطهارة الترابية في فرض فقدان الماء وعدم التمكن من استعماله عقلاً أو شرعاً ، وفيما نحن فيه بما أنّ المكلف لا يتمكن ـ من جهة المحافظة على الصلاة في وقتها ـ من الطهارة المائية ، فتجب عليه الطهارة الترابية ، ضرورة أنّ مشروعية الطهارة الترابية إنّما هي من جهة المحافظة على الوقت ، وإلاّ لتمكن المكلف من استعمال الماء في زمان لا محالة.
__________________
(١) وهو الشيخ حسين آل عصفور ، راجع شرح العروة ١٠ : ١٥٤