باعتبار أنّه منتهٍ بالأخرة إلى اختياره ، فإذن لا مانع من الحكم باستحقاقه للعقاب من ناحيةٍ باعتبار أنّه منتهٍ إلى الاختيار ، وفساد عبادته من ناحية اخرى باعتبار أنّ هذا التصرف مبغوض للمولى ، فلا يمكن التقرب به ، وهذا واضح.
وأمّا الكلام في المقام الثاني : فالظاهر بل المقطوع به أنّ عبادته صحيحة ، وذلك لفرض أنّ النسيان رافع للحرمة واقعاً ، فلا يكون المجمع في هذا الحال محرّماً كذلك ، ولا مبغوضاً لفرض أنّ نسيانه كان عن قصور لا عن تقصير ، هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى : أنّ المجمع إذا كان جائزاً واقعاً فلا مانع من شمول إطلاق دليل الأمر به ، ضرورة أنّ المانع من شموله لهذا الفرد هو دليل الحرمة وتقديمه على دليل الوجوب وبذلك يقيد إطلاق دليله ، فإذا فرض سقوط دليله واقعاً كما في المقام ، فلا مانع من شمول إطلاقه له أصلاً.
وبتعبير آخر : قد ذكرنا أنّ المعتبر في صحة العبادة أمران أحدهما أن يقصد القربة ، والآخر أن يكون الفعل في نفسه قابلاً للتقرب به ، والمفروض أنّ كلا الأمرين في المقام موجود.
أمّا الأوّل : فلفرض أنّ المكلف قصد القربة. وأمّا الثاني : فلفرض أنّ الفعل في نفسه سائغ واقعاً ، ومعه لا مانع من التقرب به باتيانه بداعي الأمر المتعلق بالطبيعة ، لفرض أنّها تشمله بعد سقوط دليل المقيّد لها واقعاً ، وهذا ظاهر.
ومن هنا حكمنا بصحة الوضوء في الماء المغصوب نسياناً إذا كان عن قصور ، وذلك لفرض أنّ التصرف فيه جائز واقعاً ، ومعه لا مانع من شمول إطلاق دليل وجوب الوضوء له.
فالنتيجة : أنّ ما نسب إلى المشهور من صحة الصلاة في الدار المغصوبة في