كان كلاهما انتزاعياً ، فلا تتم أصلاً كما تقدّم.
فما جعله قدسسره من الضابط لكون التركيب بين متعلقي الأمر والنهي في مورد الاجتماع انضمامياً لا اتحادياً ـ وهو ما كان العنوانان المنطبقان عليه من المبادئ الاختيارية وبينهما عموم من وجه ـ لا واقع موضوعي له أصلاً ، لما تقدّم من أنّ في كثير من الموارد يكون متعلقا الأمر والنهي من المبادئ الاختيارية ، وبينهما عموم من وجه ، ومع ذلك يكون مطابقهما في الخارج واحداً ، وقد ذكرنا لذلك عدّة أمثلة ، منها : التوضؤ بالماء المغصوب ، فانّه مجمع لمبدأين اختياريين بينهما عموم من وجه ، أعني بهما التوضؤ والغصب ، ومع ذلك فهما ينطبقان على موجود واحد في الخارج. ومنها : شرب الماء المغصوب فيما إذا كان الشرب في نفسه مأموراً به ، فانّه مجمع لمبدأين : أحدهما الشرب ، والآخر الغصب ، والمفروض أنّهما منطبقان على شيء واحد. ومنها : غير ذلك كما تقدّم.
فما أفاده قدسسره من استحالة اتحاد المبادئ بعضها مع بعضها الآخر منقوض بهذه الأمثلة وما شاكلها ، فانّ متعلقي الأمر والنهي فيها مبدءان ، ومع ذلك فهما متحدان في الخارج ومنطبقان على شيء واحد وجوداً وماهيةً.
ومن هنا التجأ قدسسره إلى الالتزام بخروج مثل هذه الأمثلة عن محل الكلام ، بدعوى أنّ المعنون في مورد الاجتماع فيها بما أنّه واحد وجوداً وماهيةً فمع فرض كونه منهياً عنه لا يعقل كونه مصداقاً للمأمور به.
وغير خفي أنّ ما أفاده قدسسره من أنّ شيئاً واحداً إذا كان منهياً عنه يستحيل أن يكون مأموراً به وإن كان في غاية الصحة ، إلاّ أنّ ذلك لا يوجب خروج مثل هذه الأمثلة عن محل الكلام ، ضرورة أنّه لا فرق بين الصلاة والشرب من هذه الناحية أصلاً ، وكذا بينهما وبين الوضوء ، فكما أنّ الصلاة والغصب داخلان في محل النزاع ، فكذلك الشرب والغصب والتوضؤ والغصب ،