والكلام ، فانّ جهة الصدق فيها حيث إنّها تعليلية فلا محالة يكون المجمع واحداً في مورد الاجتماع ، ومن المعلوم استحالة تعلق الأمر والنهي بشيء واحد ، سواء فيه القول بالجواز أو الامتناع في مسألتنا هذه ، مثلاً إذا ورد الأمر باكرام العلماء وورد النهي عن إكرام الفسّاق ، وفرضنا انطباق هذين العنوانين على شخص واحد كزيد مثلاً ، فانّه من جهة كونه عالماً يجب إكرامه ، ومن جهة كونه فاسقاً يحرم إكرامه ، ومن الظاهر أنّه لا يمكن أن يكون إكرامه واجباً وحراماً معاً ولا يلتزم به أحد حتّى القائل بالجواز في تلك المسألة ، أي مسألة الاجتماع ، بل لا بدّ من رفع اليد عن أحدهما لمرجّح من مرجّحات باب التعارض ، ومثل هذه المعارضة كثير في أبواب الفقه ، ولم يتوهّم أحد دخوله في هذه المسألة ليبني على الجواز فيه ، بناءً على القول بالجواز فيها ، ولذا يعامل معه معاملة التعارض ، سواء أكان من القائلين بالجواز فيها أم الامتناع ، وهذا واضح.
ومن هنا يظهر فساد ما ذكره المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) في الأمر الثالث من أنّ الظاهر لحوق تعدد الاضافات بتعدد العناوين ، فلو كان تعدد العنوان كافياً مع وحدة المعنون في القول بجواز اجتماع الأمر والنهي ، لكان تعدد الاضافات أيضاً كافياً في ذلك ، فلا فرق بينهما من هذه الناحية ، وعليه فيكون أكرم العلماء ولا تكرم الفسّاق من باب الاجتماع لا من باب التعارض ، وجه الظهور : ما عرفت من أنّ تعدد الاضافات والجهات التعليلية لا يكفي في القول بالجواز مع كون المجمع واحداً ، فانّ القائل بالجواز يدّعي تعدده وجوداً وماهيةً وأنّ ما ينطبق عليه المأمور به غير المنهي عنه في الخارج ، وأمّا إذا كان واحداً فلا يقول بالجواز. فإذن مثل هذا المثال خارج عن مسألة الاجتماع
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٧٩