غرفة أو بأخذه في ظرف آخر ، وبين الأكل والشرب على هذا النحو ، أي بأن يأخذ الطعام أو الشراب من الآنية ويصب في المشقاب أو الفنجان ، فيأكل فيه أو يشرب ، حيث إنّ الأوّل ـ وهو الوضوء أو الغسل ـ ليس بمحرّم ، والمحرّم إنّما هو أخذ الماء منها ، الذي هو مقدّمة له ، والثاني ـ وهو الأكل والشرب ـ محرّم ، والوجه فيه : هو أنّ الملاك في حرمة الوضوء أو الغسل أو ما شابه ذلك منها كونه استعمالاً للآنية بنفسه ، وفي الفرض المزبور بما أنّه ليس استعمالاً لها كذلك ، ضرورة أنّ ما كان استعمالاً لها إنّما هو أخذ الماء منها دونه ، فلأجل ذلك لا يكون محرّماً ومصداقاً للتصرف فيها ، وهذا بخلاف الملاك في حرمة الأكل والشرب منها فانّهما محرّمان ، سواء أكان بلا واسطة أم مع واسطة ، كما إذا صبّ الطعام من القدر في الصيني أو المشقاب فأكل فيه ، فانّه وإن لم يصدق عليه أنّه أكل في الآنية ، إلاّ أنّ ذلك استعمال لها في الأكل وهذا المقدار كافٍ في حرمته ، وكذا إذا صبّ الشاي من السماور في الفنجان ، فانّه لا يجوز شربه ، لصدق أنّ هذا استعمال للآنية في الشرب.
وعلى الجملة : فالمحرّم ليس خصوص الأكل والشرب في الآنية ، بل المحرّم إنّما هو استعمالها في الأكل والشرب ولو كان استعمالها واقعاً في طريقهما كالأمثلة المزبورة ، هذا مقتضى إطلاق الروايات الواردة في المقام ، وأمّا التوضؤ أو الاغتسال فانّه إن كان في الآنية كما إذا كان على نحو الارتماس فمحرّم ، وأمّا إذا كان بأخذ الماء منها في ظرف آخر أو غرفة غرفة فهو ليس بمحرّم ، لعدم كونه عندئذ مصداقاً للتصرف فيها ، وتمام الكلام في ذلك في محلّه.
ومن هنا تظهر نقطة الفرق بين الأكل والشرب من آنية الذهب أو الفضة والأكل والشرب من الاناء المغصوب ، فانّهما على الأوّل كما عرفت محرّمان مطلقاً ، أي سواء أكان بلا واسطة أم معها ، وعلى الثاني فليسا بمحرّمين مطلقاً ،