المأمور به بنفسه مقولة ، والمنهي عنه ليس بمقولة على الفرض ، بل هو من متمم المقولة ، فيكون متعلق الأمر غير متعلق النهي.
وغير خفي أنّ هذا غريب منه قدسسره والوجه في ذلك : هو أنّه ليس لاستعمال آنية الذهب أو الفضة واقع موضوعي في الخارج ما عدا تلك الأفعال الخاصة كالأكل والشرب والتوضؤ والاغتسال وما شاكل ذلك ، ضرورة أنّه عنوان انتزاعي منتزع من هذه الأفعال خارجاً ، ولا واقع له ما عداها ، وعليه فبما أنّه في مفروض الكلام منتزع من نفس التوضؤ أو الاغتسال منها باعتبار أنّه تصرف فيها كما إذا فرض أنّه كان على نحو الارتماس ، لا محالة يكون المنهي عنه عندئذ متحداً مع المأمور به في مورد الاجتماع ، ومعه لا يمكن القول بالجواز.
وعلى الجملة : فاستعمال الآنية قد يكون بالأكل والشرب ، وقد يكون بالتوضؤ والاغتسال وقد يكون بغيرهما ، وليس الاستعمال إلاّعنواناً انتزاعياً من هذه الأفعال ، وبما أنّه في المقام استعمالها بالتوضؤ أو الاغتسال على الفرض ، فلا يعقل أن يكون مأموراً به ، لاستحالة كون المنهي عنه مصداقاً للواجب.
ثمّ إنّ ما أفاده قدسسره من أنّ استعمال الآنية ليس مقولة برأسها بل هو متمم المقولة ، لا نعرف له معنىً محصّلاً أبداً ، وذلك لأنّ مراده قدسسره من متمم المقولة كما فسّر به ما لايعرض على الجوهر في الخارج بلا واسطة ، كالشدّة في البياض والسواد والسرعة في الحركة وما شابه ذلك ، فانّها لا تعرض على الجوهر خارجاً بلاتوسط ، بل تعرض أوّلاً وبالذات على الكم والكيف ونحوهما وبواسطتها تعرض عليه ، والمفروض كما عرفت أنّ الاستعمال ـ أي استعمالها ـ عنوان انتزاعي منتزع من أمر موجود في الخارج ، وليس له ما بازاء فيه أصلاً لينظر أنّه من المقولة أو متمم لها ، وليس كالشدّة فانّها موجودة فيه.