له ، وبالطرف الآخر غير معلوم ، ومن الواضح جداً أنّ العقل يلزم بامتثال هذا الطرف وإتيانه ، لأنّه يوجب الأمن من العقاب على كل تقدير ، وحصول القطع بالبراءة ، دون الاتيان بذاك الطرف ، لاحتمال أنّه غير واجب في الواقع ، وانحصار الوجوب بالطرف المزبور ، ومعه لا يكون الاتيان به موجباً لحصول القطع بالبراءة ، وقد عرفت أنّ همّ العقل في مقام الامتثال تحصيل الأمن من العقوبة والقطع بالفراغ.
ونظير المقام ما إذا شكّ في البراءة من جهة الشك في القدرة على الامتثال ، كما إذا شكّ في وجوب النفقة من جهة الشك في وجود المال عنده ، وأ نّه قادر على دفعها أم لا ، فلا يمكن له أن يرجع إلى أصالة البراءة عن وجوبها ، وذلك لأنّ المفروض أنّ ذمته قد اشتغلت بوجوب النفقة ، ومن الواضح أنّ الاشتغال اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني ، فاذن لا يمكن حصول البراءة إلاّبالفحص والاستعلام عن وجود المال عنده ، والوجه فيه هو أنّ مجرد احتمال كونه عاجزاً عن امتثال التكليف الثابت على ذمته لا يكون عذراً له في تركه وعدم امتثاله عند العقل ما لم يحرز عجزه عنه وعدم قدرته عليه ، ضرورة أنّ ترك امتثال التكليف لا بدّ أن يستند إلى مؤمّن ، ومن المعلوم أنّ مجرد احتمال العجز لا يكون مؤمّناً ، فاذن لا مناص من الأخذ بالاحتياط.
فقد تحصّل مما ذكرناه : أنّه بناءً على وجهة نظرنا أيضاً لا تظهر الثمرة بين القول بالتخيير الشرعي في المتساويين ، والقول بالتخيير العقلي فيهما ، فعلى كلا القولين لا مناص من الاحتياط والأخذ بالطرف المحتمل أهمّيته ، غاية الأمر بناءً على التخيير العقلي سقوط أحد الاطلاقين معلوم وسقوط الآخر مشكوك فيه ، ومع الشك لا بدّ من الأخذ به ، وبناءً على التخيير الشرعي سقوط أحد التكليفين معلوم وسقوط الآخر مشكوك فيه ، وما لم يثبت سقوطه لا يعذر من