ثمّ إنّ الوجه فيما أفاده قدسسره في حكم ما يحصل الجمع بالتّصرف في أحدهما مع تساويهما في الظّهور ـ في ذيل التّحقيق الّذي عليه أهله بقوله : ( وأمّا لو لم تكن لأحد الظّاهرين مزيّة على الآخر فالظّاهر أنّ الدّليل في الجمع ... إلى آخره ) (١)(٢) الظّاهر في كون الجمع فيما يتوقّف على التّصرّف فيهما وتأويلهما أولى منه في المقام ـ : هو أنّ حاصل الجمع في المقام هو الحكم بإجمال المتعارضين والرّجوع إلى الأصل غالبا أو دائما من جهة عدم تعيّن وجه التّصرّف ، ومن المعلوم عدم كونه عملا بشيء منهما فلا معنى للتعبّد بصدورهما لترك العمل بهما على ما أسمعناك سابقا. وهذا بخلاف الجمع فيما يتوقّف على تأويلهما معا ؛ فإنّ الغالب فيه تعيّن
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٤ / ٢٧.
(٢) قال المحقق الخراساني قدسسره :
« الظاهر ان الدليل جار فيما إذا تعيّن عرفا ما يصرف إليه احدهما بحيث صار ظاهرا فيه بعد صرفه عن ظاهره ، دون ما يصرف اليه الآخر ما لم يقم معيّن من الخارج ، اذ الظاهر أن يكون الأوّل بحسب العرف متعينا للتأويل ما لم يقم قرينة من الخارج على تأويل الآخر ، فيكون نفس صدورهما قرينة على التأويل ، والجمع بينهما بصرف الأوّل عن ظاهره وابقاء الآخر على حاله ، ولا يوجب الجمع للاجمال الموجب للتخير الباعث لاندارجهما تحت الجواب والسؤال في الأخبار العلاجية.
نعم الظاهر عدم جريان الدليل فيما اذا لم يكن كذلك ، واحتيج في تأويل واحد منهما بالخصوص الى معيّن من الخارج ، سواء كان ذلك لعدم تعيّن ما يصرف اليه في واحد منهما ام لتعيّنه في كليهما فيشملهما الأخبار العلاجية ، بناء على ان الظاهر شمولها لكل دليلين لا يساعد العرف على جمع بينهما ، ويبقى متحيّرا ويلتمس عليه قرينة من الخارج » إنتهى.
أنظر درر الفوائد : ٤٣٨.