ثمّ إنّه لو علم حال المتعارضين : من حيث الموضوعيّة والطّريقيّة وبني على إحداهما كان الحكم على كلّ وجه ما بنى عليه شيخنا الأستاذ العلاّمة ( دام ظلّه ) وبيّن حكمه ، ولو جهل الحال من جهة الوجهين لم يكن إشكال في عدم التّساقط أيضا وبني من حيث الحكم على الطّريقيّة ؛ لأنّ نفي الثّالث مدلول لهما على كلّ تقدير ورفع اليد عن الأصل المطابق لم يعلم جوازه للشّك في حجيّة المتعارضين بالنّسبة إلى مدلولهما من جهة عدم العلم بالسّببيّة ، ومقتضى الأصل المقرّر في مطلق الشّك في الحجيّة الحكم بعدمها بالمعنى الّذي عرفته غير مرّة وستعرفه أيضا ، وكذا البناء على التّخيير العذري فيما لم يكن هناك أصل على طبق أحدهما لا يجوز رفع اليد عنه لما عرفت ؛ فإنّه قسم من الأصل أيضا.
ثمّ إنّه قدسسره بعد بيان لازم الوجهين بنى على الوجه الثّاني ؛ نظرا إلى ظهور أدلّة حجيّة الأمارات سيّما الأخبار فيه ، وظهور ما ورد في علاج المتعارضين من الأخبار بالمرجّحات المذكورة سيّما على القول بالتّسرية والتّعدّي من المرجّحات المنصوصة كما هو المشهور والمختار على ما ستقف عليه ، بل يمكن دعوى نصوصيّة أخبار العلاج في ذلك ، مضافا إلى الإجماع المدّعى على وجوب الأخذ بأقرب الدّليلين وأقواهما ولا تعارض أخبار التّرجيح بأخبار التّخيير ؛ من حيث إنّ مقتضاها لازم السّببيّة فيكشف عنها ؛ إذ لو كان مبنى حجيّة الأخبار على الطّريقيّة لوجب الحكم في هذه الأخبار بالتّوقّف والرّجوع إلى الأصل عند فقد المرجّح كما هو لازم الطّريقيّة.
أمّا أوّلا ؛ فلأنّه على السّببيّة لا بدّ من أن يحكم بالتّخيير من أوّل الأمر ؛ ضرورة منافات لزوم التّرجيح بها مع السّببيّة ؛ إذ التّرجيح عليها لا يجوز إلاّ