نعم ، مجرّد إفادة الظّن من دون ملاحظة الشّارع له لا يوجب الخروج عن عنوان الأصل على ما عرفت شرح القول فيه في الجزء الثّالث من التّعليقة وصرّح به شيخنا العلاّمة قدسسره في مواضع من « الكتاب ».
وثانيا : بعدم إمكان ما ذكره بالنّسبة إلى بعض الأصول كأصالة التّخيير عند دوران الأمر بين المحذورين.
وثالثا : بمنافاته للواقع على تقدير الإمكان ؛ فإنّ بعض الأصول يعلم بمخالفته للواقع كثيرا كأصالة الطّهارة في الشّبهات الموضوعيّة ، وكذا أصالة الحليّة ونحوهما ، إلاّ أن يقال : بأنّ المفروض في كلامه خصوص الأصول الحكميّة فتأمّل. هذا بعض الكلام فيما ذكره أوّلا.
وأمّا ما ذكره ثانيا فيتوجّه عليه :
بأنّ الفرق بين تعارض الأصول والأدلّة وإن كان ثابتا عندنا ـ بما عرفت شرح القول فيه في أوّل التّعليقة وأنّ مقتضى القاعدة في تعارض الأدلّة التّوقف ، وفي تعارض الأصول لو اتّفق التّساقط ؛ نظرا إلى عدم دلالة التزاميّة معتبرة للأصل ، وأنّ باب التّعارض لا يجامع باب التّزاحم ـ إلاّ أنّ الوجه في التّخيير في التّزاحم فيما يفرض ليس مجرّد إحراز المصلحة لكلّ من المتزاحمين ، وحكم العقل بوجوب الامتثال إحراز للمصلحة المقتضية للتّكليف ، مع انتفاء التّكليف بل شمول الخطاب والتّكليف لهما على نحو شموله لصورة عدم التّزاحم بحسب الحقيقة ، وإن عبّر عن صورة التّزاحم بالتّخيير ـ حسبما عرفت شرح القول فيه ـ كما يعبّر عن الواجب المشروط بالمطلق عند وجود الشّرط مع عدم إمكان اختلاف الحقيقة ، وعن الواجب المخيّر بالمعيّن عند تعذّر أحد الفردين مع عدم