كون كلّ منهما مخالفا للأصل ولو كان أحدهما موافقا للأصل فالتّخيير أوضح ، فينتفي المؤاخذة على الآخر حيث نقول بوجوب الاحتياط ، فكيف يقول قضيّة دليل الانسداد التّخيير حتّى جعله مؤيّدا لما استدلّ به عليه من الأخبار (١) »؟ انتهى كلامه رفع مقامه.
وهو كما ترى ؛ حيث إنّ نفي الثّالث بالظّن حتّى في مخالفي الأصل لا يوجب التّخيير بين الخبرين بمعنى البناء على حجيّة المتعارضين تخييرا فضلا عمّا وافق أحدهما الأصل الّذي جعل التّخيير فيه أولا ؛ لأنّ عدم وجوب الاحتياط لا يقتضي التّخيير بين الخبرين بالمعنى المبحوث عنه.
نعم ، لو كان المراد من التّخيير مجرّد البناء على مفاد أحد الخبرين من دون استناد إليه استقام الحكم بالتّخيير في مخالفي الأصل خاصّة ، لكنّه خلاف مفاد الأخبار والأقوال ، هذا ما يقتضيه النّظر الجليّ.
والّذي يقتضيه النّظر الدّقيق على تقدير الاستناد في التّخيير إلى الأخبار تطرّق المناقشة إلى ما ذكرنا : من التّعميم في الجملة على القول بالظّن المطلق ؛ لأنّ مفاد أخبار العلاج ترجيحا وتخييرا إثبات الحكم لخصوص الأخبار من حيث كونها حجّة في نظر الشّارع ، ومن هنا جعلت دليلا على حجيّة الأخبار من حيث الخصوص.
نعم ، على القول بعدم حجيّة أخبار العلاج من حيث الخصوص وابتناء
__________________
(١) بدايع الأفكار : ٤٢٢.