وأمّا تعادل الأمارات القائمة على الموضوعات ـ سواء كانت من مقولة الخبر أو غيره ـ فإن قامت على الموضوعات اللّغوية كتعادل قولي اللّغوي فيما فرض اعتبارهما وتعارضهما ، وإلاّ فأكثر موارد الاختلاف لا يرجع إلى التّعارض حقيقة بعد ثبوت الاشتراك في اللّغة ووقوعه ؛ لأنّه إمّا من قبيل الإثبات والنّفي الرّاجع إلى لا ندري ، أو من قبيل الإثباتيّين الرّاجعين إلى الاشتراك وعدم التّعارض حقيقة كالإثبات والنّفي ، فلا يحكم بالتّخيير فيه ؛ لما عرفت : من خروجه عن مورد أخبار التّخيير. ودعوى التّنقيح فيه أوهن وإن قيل بثبوت التّخيير فيه أيضا.
وإن قامت على الموضوعات الرّجاليّة فيما لو فرض تعارضها ، وإلاّ فيخرج عن موضوع البحث كما في أكثر موارد الاختلاف في الجرح والتّعديل الرّاجع إلى أدري ولا أدري ، فلا يحكم بالتّخيير فيه أيضا ؛ لما عرفت وإن كان لها تعلّق بالحكم الشّرعي : من حيث كونها في طريقه كسابقتها. ومن هنا نفى شيخنا العلاّمة قدسسره التّخيير في المسألتين بقوله : ( ثمّ إنّ التّعادل في الأمارات المنصوبة في غير الأحكام ... إلى آخر ما أفاده ) (١).
وإن قامت على الموضوعات الخارجيّة الصّرفة كالقبلة ، والوقت ، والهلال ، ونحوها فيما تعارضت حقيقة فأولى بعدم الإلحاق ، ولم يعهد من القائلين بإلحاق مطلق الأمارات الحكميّة بالأخبار بإلحاق الأمارات الموضوعيّة بها حتّى فيما لو كانت من قبيل الخبر والشّهادة ، هذا كلّه في حقّ المجتهد أو الأعمّ منه ومن العامي في الموضوعات الصّرفة من جهة اعتبار الأمارات والأصول فيها للعامي أيضا.
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٤ / ٤٤.