وأمّا تعادل المفتيين المختلفين في المسألة فلا إشكال في انعقاد الإجماع على تخيير العامي في الرّجوع إليهما وإن لم يدلّ عليه أخبار الباب.
وأمّا إذا تعادل النّاقلان عن مجتهد فيما إذا رجع اختلافهما إلى التّعارض ، وإلاّ فقد لا يكون بينهما تعارض من حيث جعل أحدهما رجوعا كاختلاف الفتوى فهل يحكم بالتّخيير أم لا؟ وجهان ، أوجههما : الثّاني ؛ لعدم الدّليل بعد كون التّخيير الرّاجع إلى حجّيّة أحد المتعارضين على خلاف الأصل.
وقد يوجّه الأوّل : بعموم المنزلة في دليل النّيابة ؛ فإنّه كما يحكم بالتّخيير فيما تعادل النّقل المختلف عن المنوب عنه ، كذلك يحكم به فيما تعادل النّقلان المختلفان عن النّائب ، ذكره بعض أفاضل معاصرينا.
وفيه ما لا يخفى من الضّعف. هذا بعض الكلام فيما يتعلّق بحكم التّعادل ، ولو لم نقل بالتّرجيح في غير تعارض الأخبار فيدخل مورد وجود المزيّة في التّعادل حكما بل موضوعا فيعامل معه معاملة عدمه هذا.
وقد يستظهر من الاستدراك الّذي ذكره شيخنا قدسسره في « الكتاب » عقيب نفي التّخيير في تعادل أقوال أهل اللّغة فيما اجتمع شرائط الحجّيّة وأهل الرّجال ، والحكم بالتّوقّف والرّجوع إلى الأصل بقوله : ( إلاّ أنّه إن جعلنا الأصل من المرجّحات ... إلى آخره ) (١) التّفكيك بين حكم صورتي وجود المزيّة وعدمه وسنوقفك على ما هو الحقّ والصّواب في باب التّرجيح ، وإن كان مقتضى الأصل فيما لم يقم هناك دليل على التّرجيح إجراء حكم التّعادل فافهم.
__________________
(١) المصدر السابق : ج ٤ / ٤٥.