في كمال الجودة كما لا يخفى ؛ حيث إنّ الدّليل العقلي لا يقبل التّخصيص ، وإليه يرجع ما في « المفاتيح » : من الاستدلال بكون العدول موجبا لترك الواجب لا إلى بدل ، وهذا بخلاف التّخيير الواقعي في موارده ؛ فإنّ جواز العدول فيه لا يلزمه المحذور المذكور ، والجواب عنه ظاهر ؛ لمنع الملازمة فهذا الوجه ضعيف كضعف التّوجيه : بأنّ جواز العدول يوجب لغويّة التّخيير ؛ ضرورة منع إيجاب العدول لذلك ؛ فإنّه لازم التّعيين لا التّخيير كما لا يخفى.
ثمّ إنّ الفرق بين مواضع التّخيير في الحكم المذكور بما حكاه شيخنا العلاّمة قدسسره عن بعض معاصريه لا وجه له أصلا.
نعم ، لو قيل بالفرق بين التّخيير في المقام ، ومسألة العدول على تقدير تسليم الإطلاق لأخبار التّخيير كان صحيحا ؛ لما عرفت : من انحصار دليل التّخيير في باب الفتوى بالإجماع ، وأمّا التّفصيل الّذي ذكره في « المفاتيح » فمبنيّ على أنّ مجرّد البناء على الأخذ بأحد الخبرين ليس ملزما وهو خروج عن الفرض حقيقة كما ستقف عليه عن قريب إن شاء الله تعالى.
الثّالث : أنّه ذكر في « المفاتيح » : « هل معنى التّخيير الأخذ بأحد الخبرين والعمل بجميع مقتضياته ولوازمه ـ كما لو لم يعارضه خبر آخر ـ أو التّخيير في الحكم المستفاد منهما؟ والثّمرة تظهر فيما لو كان لأحدهما دلالة التزاميّة خاصّة بمحلّ التّعارض » (١). انتهى كلامه رفع مقامه.
وهو كما ترى ، غير محصّل المراد ؛ إذ معنى التّخيير ليس إلاّ العمل بأحد الخبرين على أنّه حجّة شرعا وطريق إلى الواقع فيترتّب عليه جميع آثار الواقع
__________________
(١) مفاتيح الأصول : ٦٨٦.