الفرعيّة وإن كان قوله بعد النّقل المذكور ( والتّخيير أمّا بالنّقل ... إلى آخره ) (١) ربّما يشهد على الإلحاق المذكور ، إلاّ أنّ فيه أيضا نوع تشويش ، وإلاّ فحقّ التّعبير أن يقال : ( فالتّخيير أمّا بالنّقل ... إلى آخره ).
فإن قلت : حكم العقل بالتّخيير في الموضعين مبنيّ على تسوية الاحتمالين وعدم ترجيح أحدهما على الآخر ؛ ضرورة كونه مبنيّا على قاعدة بطلان التّرجيح بلا مرجّح ، ومقتضى ذلك كما ترى ، الحكم بلزوم الأخذ بالرّاجح وترك المرجوح ولو من جهة كونه متيقّنا على كلّ تقدير كما يقتضيه ما أفاده في « الكتاب » في طيّ الجواب عن السّؤال بقوله : ( نظير الاحتياط بالتزام ما دلّ أمارة غير معتبرة على وجوبه (٢) مع احتمال الحرمة أو العكس ) (٣).
قلت : قد عرفت : أنّ مرجع لزوم الأخذ بالرّاجح في الموضعين حقيقة إلى حجّيّة الظّن فإذا قام البرهان القاطع على عدم حجّيّته في حكم الشّرع ، بل العقل أيضا كان الرّاجح والمرجوح متساويين في نظر العقل ، فيحكم بالتّخيير بينهما هذا بعض الكلام في حكم الموضعين الأوّلين.
وأمّا الموضع الثّالث : فقد أسمعناك أنّ المانع عن الحكم بالتّخيير فيه ليس إلاّ أهميّة أحد المتزاحمين وأقوائيتهما بحسب المصلحة الملزمة في نظر الشّارع ، فإذا فرضنا اعتبار المتعارضين من باب السّببيّة الموجبة لدخولهما في عنوان المتزاحمين وإن كان هذا مجرّد فرض يمنع تحقّقه عندنا على ما أسمعناك شرح
__________________
(١) نفس المصدر.
(٢) في بعض نسخ الفرائد : ( مع عدم احتمال الحرمة ... الى آخره ).
(٣) نفس المصدر : ج ٤ / ٥٠.