في الطّريق ومن المعلوم ؛ ضرورة لزوم الاقتصار في حكم العقل على ما علم طريقيّته ؛ لعدم تجويزه سلوك المشكوك في مقام الإطاعة والامتثال ، وليس الشّك في أصل متعلّق حكم الشّارع من حيث دورانه بين شيء معيّن ، أو أحد الشّيئين حتّى يجوز في حكمه نفي التّعيين من حيث إنّه كلفة زائدة فيتوقّف على البيان.
ثمّ إنّ ما أفاده من تقرير الأصل في المسألة لمّا كان نظريّا توجّه عليه السّؤال بقوله : ( فإن قلت : أوّلا إنّ كون الشّيء مرجّحا مثل كون الشّيء دليلا ... إلى آخره ) (١).
والتّرقّي بقوله : ( بل العمل به مع الشّك يكون تشريعا ، كالتّعبّد بما لم يعلم
__________________
العمل بهما معا ـ يجب الأخذ بأحدهما ، لأنه هو القدر الممكن ، فيستنتج العقل من هذا الحكم ، بالتخيير ، كما تقدم توضيحه آنفا.
وإمّا أن نقول بدلالتها على اعتبار الأخبار من باب الطريقية ، وأن عمومها لا يقصر عن شمول أحد المتعارضين الغير المعلوم مخالفته للواقع ، فيستفاد منها عدم جواز طرح المتعارضين رأسا وفرضهما كالعدم ، بل وجوب تصديق أحدهما على سبيل الاجمال والابهام ، أي :
الالتزام بعدم خروج الواقع عن مؤدى كلا الخبرين ، لا التعبد بصدق أحدهما عينا أو تخييرا كما عرفته بحقيقته فيما سبق ، وعلمت أن هذا هو الحق ، ولذا التزمنا بأن الأصل في الخبرين المتعارضين هو التوقف ، والرجوع الى الأصل الموافق لأحدهما ، لا التساقط أو التخيير.
فالذى يقتضيه التحقيق ، بناء على ما اخترناه : من أن الأصل فيهما التوقف والرجوع الى الاصول الموجودة في تلك المسألة ، عدم الاعتناء بميزة لم يثبت اعتبارها ، اذ لا يجوز رفع اليد عما يقتضيه الاصول بمزية غير ثابتة الأعتبار » إنتهى. انظر حاشية فرائد الأصول : ٥١٢.
(١) فرائد الأصول : ج ٤ / ٤٩.