وغيره مشكوك الحجّيّة فالأخذ بالرّاجح وطرح المرجوح إنّما هو من حيث الاحتياط.
ومن المعلوم ضرورة عدم صدق التّشريع على الأخذ بعنوان الاحتياط وعدم اجتماعهما موضوعا ، فإذا اقتضى الدّليل وجوب الاحتياط من جهة حكم العقل في مورد تردّد الطّريق بين المتيقّن والمشكوك لم يكن معنى لمنعه ، تمسّكا بما دلّ على حرمة التّشريع من العقل والنّقل ، فهو نظير حكم العقل بلزوم الاقتصار على الرّاجح من المحتملين في مسألة دوران الأمر بين الوجوب والتّحريم في المسألة الفرعيّة احتياطا ؛ فإنّه لا يمنع منه ما دلّ على حرمة التّشريع والتّديّن بغير العلم ، هذا حال ما دلّ على حرمة العمل بالظّن من باب التّشريع.
وأمّا ما دلّ على حرمته من حيث إيجابه طرح العمل بالأصل المعتبر الجاري في المسألة وإن لم يكن بعنوان التّشريع على ما عرفته في الجزء الأوّل من التّعليقة (١) : من كونه جهة مستقلّة لتحريم العمل بغير العلم فلا يمنع من العمل المذكور قطعا ؛ لأنّ المفروض عدم جريان الأصل في المسألة الّتي تعارض فيها الخبران بعد وجود الدّليل في المسألة ، وإن كان مردّدا بين الرّاجح والمرجوح وإن كان على طبق أحدهما كما هو ظاهر. والمفروض أنّ قضيّة التّخيير أيضا قضيّة مهملة فلا يتوهّم : أنّ الأخذ بالرّاجح موجب لطرح دليل التّخيير وإن لم يوجب طرح الأصل في المسألة الفرعيّة.
لا يقال : الشّك في حجّيّة المرجوح فعلا الموجب للرّجوع إلى الأصل
__________________
(١) بحر الفوائد : ج ١ / ٧٩.