الغير المعتبرة مسبّبا ومعلولا لحجّيّة الظّنون المعتبرة.
وهو كما ترى ، بل الرّاجح والمرجوح ظنّان تعارضا ونحن جازمون بحجّيّة الرّاجح وشاكّون في حجّيّة المرجوح ، فإن لم يكن حجّة فإنّما هو لعدم وجود المقتضي لها لا لوجود المانع وهو حجّيّة الرّاجح ؛ فإنّ الشّك في وجوب العمل بالرّاجح عينا ليس شكّا في أمر زائد على جواز العمل به بعد إحرازه كما قلنا في المتزاحمين حتّى يدفع بالأصل ، بل العينيّة على فرض ثبوتها إنّما نشأت من عدم حجّيّة معارضه ، فالشّك في وجوب العمل بالرّاجح عينا وجواز العمل بالمرجوح كلاهما نشئا من الشّك في أنّ الحكم الشّرعي في المرجوح هل هو الحجّيّة أيضا مثل الرّاجح أم لا؟ فلا سببيّة ولا حكومة ولو قلنا بها في تعارض الأصلين ».
وساق الكلام إلى أن قال :
« إذا تحقّق ذلك فنقول : إنّ الأدلّة إن كان اعتبارها من باب السّببيّة والموضوعيّة كان الحكم في المتعارضين منهما مثل ما في المتزاحمين ، فالأصل فيه قاض بعدم اعتبار المرجّح حسبما مرّ تفصيلا ، إلاّ إذا قلنا بأنّ احتمال الأهميّة مانع عن التّخيير وقاض بالتّرجيح في باب التّزاحم كما هو ظاهر الرّسالة ؛ فإنّ قضيّة الأصل حينئذ وجوب العمل بمعلوم الرّجحان ، بل ومحتمله خلافا للرّسالة : حيث صرّح بعدم وجوب العمل بذي المزيّة بناء على أنّ المزيّة إنّما توجب الأقربيّة إلى الواقع ولا مدخليّة لها في مطلوبيّة العمل بالطّريق على تقدير السّببيّة قطعا ، فلا يحتمل الأهميّة حتّى يجب مراعاتها ولو كان أقرب إلى الواقع.
وفيه : أنّ القطع بذلك من العجائب ؛ فإنّ الأقرب إلى الواقع لو لم ندّع الظّن بتأكّد مطلوبيّته وكون العمل به أهمّ عند الشّارع فلا أقلّ من الاحتمال.