أقول : لا بأس باستظهار ما استفاده من الحديثين ، إلاّ أنّ تعليله بما أفاده بقوله : ( ولا معنى لاتّباع المجمل ) (١)(٢) قد يناقش فيه : بأنّه قد يختار التّشخّص أحد المعاني للمجمل من جهة موافقته لأغراضه النّفسانيّة كما يدلّ عليه قوله
__________________
« أقول : اتباع المتشابه قد يتحقق بابتغاء تأويله ، وصرفه الى بعض محتملاته ، ببعض القياسات والمناسبات الذوقية ، من غير قرينة عقلية ونقلية مرشدة اليه ، فلا ينافى ذلك كونه في حد ذاته مجملا ، فيمكن أن يكون المراد بالنهي عن اتباع المتشابه ، النهي عن حمل الكلمة التي تنصرف على وجوه ، على بعض جهاته ببعض المناسبات أو الدواعي النفسانية ، من غير قرينة عقلية أو نقلية دالة عليه ، كما أن هذه لعله هو المراد باتّباع المتشابه في قوله تعالى [ آل عمران : ٧ ] : ( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ ـ ) ولكن الظاهر أن المقصود بالروايتين التنبيه على أن الأخبار الصادرة منهم ربما اريد منها خلاف ظاهرها ، فلا يجوز المبادرة الى اتباع ما يترائى من شيء منها في باديء الرأى ، قبل الفحص وبذل الجهد في استكشاف مرادهم ، بالتدبر والالتفات الى سائر كلماتهم ، وغيرها من القرائن والشواهد العقلية أو النقلية الكاشفة عما أرادوه بهذا الظاهر ، كما نبه عليه المصنف رحمهالله في ذيل العبارة ، فالمقصود في مثل هذه الروايات الحث على استفراغ الوسع في فهم معانى الروايات الصادرة عنهم ، لا الحث على عدم المبادرة الى طرح بعض الروايات ، كي يختص موردها بغير معلوم الصدور ، فلا حظ وتدبر » إنتهى. أنظر حاشية فرائد الأصول : ٥١٧.
(١) فرائد الأصول : ج ٤ / ٧٢ وفيه سقط وتحريف والصحيح كما في الأصل : ( ولا معنى للنّهي عن إتّباع المجمل ).
(٢) قال المحقق الخراساني قدسسره :
« لا يخفى أن الظاهر مساوقة المتشابه مع المجمل ومعنى النهي عن إتّباعه النهي عن تعيين معناه الإنسان برأيه من عند نفسه ومتابعته ، من دون شاهد وبرهان ، كما هو ديدن بعض أهالي المذاهب الفاسدة في زماننا ، بل في كلّ زمان » إنتهى. أنظر درر الفوائد : ٤٥٦.