فلا معنى لحملها عليه.
والوجه الثّاني ، يبعّده أيضا بل يحيله العادة بعد ملاحظة عموم الابتلاء بها علما وعملا ، وكثرتها وانتفاء دواعي الاختفاء ومقتضياته.
وأمّا الوجه الأخير ، فهو وإن كان منافيا لقاعدة قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة في ظاهر النّظر ، إلاّ أنّه بعد التّأمّل يعلم بعدم التّنافي بينهما أصلا ؛ لأنّ القاعدة كما برهن عليها في محلّه إنّما يقتضي البيان فيما لم يقتض المصلحة تأخيره ، وإلاّ فلا قبح في تأخيره أصلا ، فيكون تكليف المخاطبين بتلك الخطابات المشتملة على الظّواهر أو المطّلعين عليها ما يقتضيه ظواهرها ظاهرا اتّكالا على الأصول اللّفظيّة المعتبرة عند العقلاء وأهل اللّسان ولا بعد فيه أصلا.
فإنّه كما إذا اقتضت المصلحة بيان الأحكام تدريجا والرّجوع إلى الأصول العقليّة قبل البيان ـ حتّى أنّه ورد عدم تكليف المكلّفين في أوائل البعثة في مدّة عشر سنين إلاّ بالتّوحيد والاعتقاد بالرّسالة ـ كذلك اقتضت تأخير بيان الصّوارف عن زمان العمل بالظّواهر.
بل التّأمّل في الآثار والأخبار الواردة عن النّبي المختار والأئمّة الأبرار ( سلام الله عليهم ) يوجب القطع بكون مبنى البيانات المتأخّرة على ما ذكرنا سيّما ما ورد في بيان معاملة الحجّة المنتظر ( عجّل الله فرجه ، وسلامه عليه وعلى آبائه الطّاهرين ) في زمان ظهوره وأنّه يحكم ببطون كلام الله تعالى وما انطوت عليه الصّحيفة الفاطميّة (١) ( سلام الله عليها ) كما يظهر من رواية
__________________
(١) أقول : الظاهر انه يقصد بها مصحف فاطمة صلوات الله تعالى عليها والروايات الواردة في