ومن هنا جوّز الشّارع له ذلك مطلقا من جهة الوقوع في محذور خلاف المقصود والحرج ، وهذا بخلاف الإمام عليهالسلام ؛ فإنّه لا محذور لاختيار التّورية في حقّه فيلزم عليه في مقام التّقيّة كما يظهر ممّا رواه في « الكتاب » من الأخبار وغيره ، إلاّ أنّه لا يخرج عن المرجّح الجهتي على ما أشرنا إليه سابقا.
(٢٥) قوله قدسسره : ( وربّما يستفاد من قول السّائل في المقبولة ... إلى آخره ). ( ج ٤ / ١٣٤ )
أقول : وجه الاستفادة ظاهر من حيث إنّ مخالفة المتعارضين لهم وكذا موافقتهما لهم لا يمكن إلاّ بإرادة البعض ، اللهمّ إلاّ أن يكون مراد السّائل من التّعبير المذكور عدم وجود هذا المرجّح رأسا كما يحمل على هذا المعنى قوله بعد ذلك ( قلت : جعلت فداك كلاهما موافقان للاحتياط ، أو مخالفان له ) (١) فإنّه لا معنى لهذا السّؤال إلاّ بإرادة المعنى المذكور ؛ ضرورة عدم إمكان موافقة الخبرين للاحتياط. ومن هنا أورد عليه في « الكتاب » بقوله : ( ويردّه : أن ظهور الفقرة الأولى ... إلى آخره ) (٢).
نعم ، لا إشكال في كون موافقة البعض في الفرض من المرجّحات بالنّظر إلى الكلّيّة المستفادة من أخبار الباب ، وقد أسمعناك مرارا : عدم الثّمرة بين التّنصيص والاستفادة من الكلّيّة في مسألة التّرجيح.
ثمّ إنّه يتقوّى التّرجيح الجهتي فيما كان البعض من المعروفين منهم سيّما إذا كان مرجعا لهم في عصر الإمام عليهالسلام المحكي عنه الحديث.
ثمّ إنّ الظّاهر من وصفي المخالفة والموافقة المضافتين الظّاهرين فيما أفاده
__________________
(١) مقبولة عمر بن حنظلة وقد تقدّم تخريجها.
(٢) فرائد الأصول : ج ٤ / ١٣٤.