(٢٧) قوله : ( مع أنّه يمكن دعوى حكم العقل ... إلى آخره ). ( ج ٤ / ١٤٣ )
أقول : دعوى حكم العقل بوجوب العمل بالأقرب إلى الواقع ، إنّما يستقيم على القول بحجّيّة الأمارات : من باب الظّن المطلق ، والقول به لا يجامع التّعارض على ما أسمعناك عن قريب. وأمّا على القول باعتبارها : من باب الظّن الخاصّ فمقتضاه ـ على ما عرفت في صدر المسألة ـ هو التّوقّف والرّجوع إلى الأصل المطابق لأحدهما إن كان ، وإلاّ فالتّخيير العقلي. ومن هنا أمر قدسسره بالتّأمّل فيما أفاده (١).
__________________
(١) قال الشيخ موسى بن جعفر التبريزي قدسسره :
« يحتمل الأمر بالتأمّل وجهين :
أحدهما : ما تقدم سابقا : من أن الأصل في تعارض ما هو معتبر من باب الطريقية هو التساقط والرجوع الى مقتضى الأصول لا الترجيح بما لم يثبت مرجحيّته.
وثانيهما : أن العقل على تقدير تسليم استقلاله بتقديم أقوى الدليلين إنّما هو فيما كانت القوة في نفس الدليلية لا في أمر خارج من صفة الدليلية ، واعتبار الأخبار وان كان من باب الطريقية إلاّ أن اعتبار سندها إنّما هو من حيث الطريقية الى الصدور واعتبار دلالتها انما هو من حيث الطريقية الى مراد المتكلّم والمرجّحات الخارجة لا تقوّي شيئا من الحيثيتين ، أمّا الأولى فواضحة ، وإلاّ كانت من المرجحات السندية دون المضمونية ، وأمّا الثانية فانه لو تقوّت بها دلالة أحد الخبرين صارا من قبيل الظاهر والأظهر ، فخرجا من مورد التعارض لوجوب حمل الظاهر على الأظهر منهما حينئذ كما مر غير مرة ، فالتعارض والرجوع الى المرجحات إنّما هو فيما تساوت دلالتهما ، وغاية ما يفيده المرجح الخارجي كون مضمون أحدهما أقرب الى الواقع من الآخر من دون إيراث قوّة في دلالته ومجرد أقربية مضمون أحدهما الى الواقع خارج من جهة الدليلية كما عرفت » إنتهى. أنظر أوثق الوسائل : ٦٣٠.