الظّن ينافي باب التّعارض في الجملة. مضافا إلى رجوع الإشكال على تقديره إلى إشكال خروج القياس عن الدّليل العقلي القاضي بحجّيّة الظّن مطلقا هذا. مضافا إلى أنّ الإشكال مع تسليم اعتبار سند الأخبار المانعة بقول مطلق لا معنى له أصلا ؛ لأنّه من تعارض الظّن الخاصّ والمطلق إلى غير ذلك ممّا يتوجّه عليه على هذا التّقدير.
وإن كان المراد : أصالة اعتبار الظّن في خصوص باب التّرجيح في قبال التّخيير ـ على ما بنى عليه شيخنا العلاّمة قدسسره فيما تقدّم من كلامه ـ ففيه : أنّ الأصل المذكور ربما نقول به عند الشّك ، فكيف يصلح لمعارضة ما دلّ على حرمة إعمال القياس في الدّين مطلقا كما قضى به صريح كلامه؟
(٢٩) قوله قدسسره : ( إذا عرفت ما ذكرنا علمت توجّه الإشكال ... إلى آخره ). ( ج ٤ / ١٥٠ )
أقول : تقديم التّرجيح بموافقة الكتاب بأقسامها وكذا السّنة على التّرجيح بسائر المرجّحات الرّاجعة إلى غير الدّلالة في غير ما يوجب سقوط المخالف عن الحجّيّة ممّا لا إشكال فيه أصلا ، ولا يتوجّه الإشكال القطعيّة من جهته فيما دلّ من الأخبار العلاجيّة على تقديم بعض المرجّحات عليهما بعد البناء على كون ذكرها من باب مجرّد التّمثيل وعدم إرادة التّرتيب منها ، وإلاّ لم يجامع إناطة التّرجيح بالكلّيّة المستفادة منها.
فلا داعي لدفع الإشكال إلى التّكلف الّذي ارتكبه بقوله : ( وأمّا الإشكال المختصّ بالمقبولة ... إلى آخره ) (١) مع أنّ الالتزام بتقديم التّرجيح بالشّهرة على
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٤ / ١٥٠.