بعيد الصيت ، عظيم المنزلة عند الفريقين الشيعة والسنّة ، وكان واحد أهل زمانه في الأشياء كلها ، وهو أفقه من يونس بن عبد الرحمن كما في رواية عن الحسن بن عليّ بن فضّال.
وكان جلدا في عقيدته ، صابرا على الأذى في دينه ، حبس في أيام هارون الرشيد ليدلّ على مواضع الشيعة وأصحاب الإمام الكاظم عليهالسلام ، وضرب مائة سوط ، فلما بلغت منه وكاد أن يقرّ لعظيم الألم ، سمع نداء يونس بن عبد الرحمن (١) ، يقول : يا محمد بن أبي عمير ، اذكر موقفك بين يدي الله تعالى ، فتقوّى بقوله وصبر ، ولم يخبر ولبث في السجن أربع سنين.
وروي أنّ المأمون العباسي حبسه حتى ولاّه قضاء بعض البلاد.
وكان موصوفا بالعبادة والورع وطول السجود ، وله جلالة في النفوس ، ومقام علمي رفيع ، وكانت داره مقصدا للمشايخ ، يجتمعون حوله ، ويعظّمونه ويبجّلونه ، وقد اختار المتكلم الكبير هشام بن سالم الجواليقي أن يتكلم عند ابن أبي عمير حين طلب منه الفقيه الجليل المتكلم هشام بن الحكم المناظرة في التوحيد وصفات الله عزّ وجلّ.
ولابن أبي عمير ـ كما ذكرنا ـ كتب كثيرة ، تلف معظمها ، ومما بقي له منها : المغازي ، الكفر والإيمان ، البداء ، الاحتجاج في الإمامة ، الحجّ ، فضائل الحجّ ، المتعة ، الاستطاعة ، الملاحم ، الصلاة ، مناسك الحجّ ، الصيام ، اختلاف الحديث ،
__________________
(١) بل محمد بن يونس بن عبد الرحمن. ( الموسوي ).