وقال اليافعي : البارع في الكلام والجدل والفقه ، وكان يناظر أهل كل عقيدة مع الجلالة والعظمة في الدولة البويهية.
وقد برز المفيد من بين أعلام عصره بفن « المناظرة » التي تعتمد الموضوعية والمنهج والدليل المتفق عليه سبيلا للاقناع ، ووضوح النتائج (١) ، فخاض ميادين المناظرة في الإلهيات والمسائل الفقهية ، إلاّ أنّ مناظراته كانت تنصب في الدرجة الأولى في المسائل الاعتقادية للإمامية ، فكان له الدور البارز في الذبّ عنها وترويجها ، ولهذا نال منه بعض المنساقين وراء عواطفهم (٢) مع إذعانهم لقدراته وقابلياته الفكرية والعلمية.
ويعدّ المفيد أوّل مّن ألّف ـ من الإمامية ـ في أصول الفقه بشكل موسّع ، وله في هذا المجال رسالة نقلها تلميذه الكراجكي في كتابه « كنز الفوائد » ، فقد كان الطابع العام للكتب التي ألفت قبل عصره لا يتعدى أن يكون دراسة لبعض المسائل الأصولية (٣)(٤).
وصنّف كتبا كثيرة ذكر منها النجاشي أسماء (١٧٤) كتابا ، منها : المقنعة في الفقه ، مناسك الحجّ ، الفرائض الشرعية ، أحكام النساء ، جوابات أهل الدينور ،
__________________
(١) أعيان الشيعة.
(٢) أمثال الخطيب البغدادي والصفدي.
(٣) انظر بحوث في الملل والنحل للعلاّمة السبحاني : ٦ / ٥٦٣.
(٤) أقول : انما يصح هذا الكلام بالقياس إلى ما وصلنا من تراث مدوّن من أصحابنا لا مطلقا ، فالقول : بانه أوّل من ألّف من الإماميّة في أصول الفقه بشكل موسّع ، لا يخلو من جزاف ، وهي دعوى بلا دليل ولأصحابنا كتب كثيرة ـ لعبت بها أيدي الفلك ـ في فنون شتى ( الموسوي ).