وفي العمل بدليل حجيّتهما صدورا فيكون كالجمع بين البيّنتين كما ستقف على شرح القول فيه.
وقد وقع التّصريح بما ذكرنا في المراد من « الجمع » مع كمال ظهوره في « الكتاب » وفي كلام غير واحد فلا تغرّنك ما تراه في كلام بعض ، هذا بعض الكلام في الجمع.
وأمّا « الإمكان » فكلماتهم غير نقيّة عن التّشويش والاختلاف في المراد منه وقد صرّح شيخنا الأستاذ العلاّمة قدسسره في « الكتاب » : بأنّ المراد منه الإمكان العرفي في مقابل الامتناع عندهم ؛ حيث إنّ الحكم بإرادة خلاف الظّاهر من اللّفظ من دون قرينة وشاهد ممتنع عند العرف والعقلاء وأهل اللّسان ، وإلاّ لم يكن الظّهور معتبرا عندهم وهو خلف.
ووافقه في ذلك غير واحد ، بل استظهره من كلام صاحب « الغوالي » المدّعي للإجماع على تقديم الجمع على الطّرح (١) ؛ إذ لو لا إرادة هذا المعنى لم يبق مورد للعمل بالمرفوعة ، مع أنّه صرّح بوجوب الرّجوع إليها فيما لم يمكن الجمع بين الخبرين المتعارضين ؛ إذ على تقدير إرادة الإمكان العقلي وحمل المتعارضين أو أحدهما على معنى لا شاهد له أصلا ، بمجرّد إمكان إرادته واحتماله بضرب من التّأويل لم يبق مورد للعمل بالحديث.
وحاصل هذا المعنى كما ترى بعد خروج فرض وجود الشّاهد من الخارج على إرادة خلاف الظّاهر من المتعارضين عن محلّ الكلام ، وخروج النّص
__________________
(١) غوالي اللئالي : ج ٤ / ١٣٦.