والظّاهر عن عنوان المتعارضين ـ على ما عرفت وستعرف ـ يرجع إلى بيان لزوم تقديم التّرجيح من حيث الدّلالة وقوّة الظّهور على سائر وجوه التّراجيح كتقديمه وتقديمها على التّخيير اتّفاقا في قبال من أوهم كلامه تقديمها عليه كالشّيخ قدسسره في بعض كلماته على ما ستقف عليه ، ولو جعل تقابل النّص والظّاهر من التّعارض مسامحة أمكن التّعميم له فتكون القاعدة مسوقة لبيان تأخّر مرتبة سائر وجوه التّراجيح عمّا كان في المتعارضين من الشّاهد على التّصرّف سواء كان بالنّصوصيّة أو قوّة الظّهور والدّلالة هذا.
والظّاهر من غير واحد : هو الإمكان العقلي ، تحكيما لدليل الصّدور مثلا على دليل اعتبار الظّهور فيحكم لأجله بإرادة ما لا يساعده ظاهر المتعارضين منهما أو من أحدهما ، فيحكم بإرادة عذرة غير المأكول ممّا دلّ على كون ثمن العذرة سحتا ، وبإرادة خرء المأكول وبوله ممّا نفى البأس عن خرء الطّير وبوله جمعا وهكذا ، إذا لم نقل بتيقّن إرادة غير المأكول من الحديث الأوّل ، والمأكول من الثّاني فيكون كلّ منهما نصّا من جهة وظاهرا من أخرى فيدفع ظاهر كلّ منهما بنصّ الآخر. أو قلنا بذلك مع الالتزام بعدم تأثير متيقّن الإرادة في النّصوصيّة بحسب اللّفظ كما ستقف على شرح القول فيه.
ومثله : ما إذا ورد في العرف من المولى الأمر بإكرام العلماء والنّهي عن إكرامهم فيحمل الأوّل على إرادة العدول والثّاني على إرادة الفسّاق منهم جمعا ، وبهذا سلك جماعة في الفقه منهم : ثاني الشّهدين في مواضع من كتبه ، والمتصوّر المعقول من هذا الوجه : ما إذا أمكن حمل المتعارضين أو أحدهما على خلاف الظّاهر بضرب من التّأويل والتّصرّف من غير قرينة من الدّاخل والخارج كما