ولا يتوجّه عليه ما أورده عليه وإن كان التّحقيق عندنا حسبما ستقف عليه : عدم أولويّة لأحدهما على الآخر بالنّظر إلى دليل حجيّة الصّدور والظّهور ويظهر ما في كلام السيّد ممّا سنذكره إن شاء الله تعالى.
وخامسا : أنّ هذا الوجه مجرّد استحسان لا يجوز الاعتماد عليه والمعتمد هو الدّليل القاضي بترجيح أحدهما على الآخر من الخارج فتدبّر.
وأمّا الثّالث : فلأنّه غير محصّل المراد بظاهره كما صرّح به المحقّق القمّي وغيره ؛ فإنّ في الطّرح ليس ترجيحا من غير مرجّح أصلا ، فإن طرح أحدهما معيّنا لمكان رجحانه ليس فيه ترجيحا من غير مرجّح ؛ ضرورة كونه من جهة المرجّح بالفرض ولا على التّعيين الّذي هو مرجع التّخيير لا ترجيح فيه أصلا ، حتّى يتكلّم أنّه مع المرجّح أو لا معه ، وأمّا اختيار أحدهما بحسب الدّواعي الّذي ليس من مقولة الحكم أصلا فلا ينفكّ عن المرجّح النّفساني ، فأين التّرجيح بلا مرجّح؟
قال في « القوانين » بعد نقل الوجه المذكور عن « التّمهيد » ما هذا لفظه :
« ولم أتحقّق معنى قوله : ( لاستحالة التّرجيح من غير مرجّح ) (١) إذ المفروض عدم ملاحظة المرجّح ، وإلاّ فقد يوجد المرجّح لأحدهما » (٢). انتهى كلامه رفع مقامه.
ووجّهه في « القوانين » بعد الاعتراض الّذي عرفته بما هذا لفظه :
« وتوجيهه أن يقال : إنّه مراده إذا أمكن العمل بكلّ منهما ولو كان بإرجاع
__________________
(١) تمهيد القواعد : ٢٢٧.
(٢) قوانين الأصول : ج ٢ / ٢٧٢.