التّوجيه إلى كليهما فمع ذلك لو عمل بأحدهما وترك الآخر فيلزم التّرجيح من غير مرجّح ؛ إذ المفروض أنّ موضوع الحكمين مغاير في الدّليلين فلا معنى لملاحظة التّرجيح بينهما ؛ لأنّ كلّ واحد من الدّليلين حينئذ دليل على حكم شيء آخر فضعف أحدهما بالنّسبة إلى الآخر لا يصير منشأ لترك مدلوله ... إلى آخر ما ذكره قدسسره » (١).
وحاصله : كما ترى ؛ أنّه بعد الجمع والتّأويل يكون الموضوع في كلّ منهما مغايرا لموضوع الآخر فإن عمل بأحدهما دون صاحبه حينئذ لزم التّرجيح بلا مرجّح هذا.
وفيه ما لا يخفى ؛ إذ مجرّد إمكان التّأويل لا يوجب اختلاف الموضوعين وإنّما الموجب له فعليّة التّأويل والكلام فيها فهو كما ترى أيضا غير محصّل المراد كما صرّح به غير واحد.
ووجّهه بعض من قارب عصرنا بعد الاعتراض عليه أيضا بما هذا لفظه :
« أقول : ويمكن توجيهه : إمّا بجعله تعليلا لكون الأصل في كلّ منهما الإعمال ، أو للجمع بما أمكن من غير اختصاص ببعض وجوه الجمع ، أو لما يفهم من كلامه من وجوب الجمع لا مجرّد الجواز أو الأولويّة » (٢). انتهى كلامه رفع مقامه.
وأنت خبير بما في الأخير ؛ وأمّا الأوّلان فلا بأس بهما في مقام التّوجيه وإن
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) الفصول الغرويّة : ٤٤٠.