الملك! إذا صرت إلى مكة قضيت حاجتك ، فلما قدم الزبير تحمل عليه ببطون قريش كلها أن يدفع إليه ابنه فأبى ، ثم تحمل عليه بعبد المطلب ، فقال : ما بيني وبينه عمل ، أما علمتم ما فعل في ابني فلان ، ولكن امضوا أنتم إليه ، فقصدوه وكلموه ، فقال لهم الزبير : إن الشيطان له دولة وإن ابن هذا ابن الشيطان ، ولست آمن أن يترأس علينا ، ولكن أدخلوه من باب المسجد علي على أن أحمي له حديدة وأخط في وجهه خطوطا ، وأكتب عليه وعلى ابنه أن لا يتصدر في مجلس ، ولا يتأمر على أولادنا ، ولا يضرب معنا بسهم. قال : ففعلوا وخط وجهه بالحديد ، وكتب عليه الكتاب ، وذلك الكتاب عندنا. فقلت لهم : إذا مسكتم (١) وإلا أخرجت الكتاب ففيه فضيحتكم ، فأمسكوا.
وتوفي مولى لرسول الله صلى الله عليه وآله لم يخلف وارثا ، وخاصم (٢) فيه ولد العباس أبا عبد الله (ع) ، وكان هشام بن عبد الملك (٣) قد حج في تلك السنة ، فجلس لهم ، فقال داود بن علي : الولاء لنا. وقال أبو عبد الله عليه السلام : بل الولاء لي ، فقال داود بن علي : إن أباك قاتل معاوية. فقال : إن كان أبي قاتل معاوية فقد كان خط (٤) أبيك فيه الأوفر ، ثم فر بجناحيه (٥). وقال : والله! لأطوقنك غدا طوق (٦) الحمامة ، فقال له داود بن علي : كلامك هذا أهون علي من بعرة في واد الأزرق ، فقال : أما إنه واد ليس لك ولا لأبيك فيه حق ، قال : فقال
__________________
(١) في المصدر : إن أمسكتم. وهو الظاهر.
(٢) في روضة الكافي : فخاصم.
(٣) في ( ك ) : عبد المطلب ، وهو غلط.
(٤) في المصدر : حظ ، وهو الظاهر.
(٥) في روضة الكافي : بخيانته.
(٦) الطوق : حلي يجعل في العنق ، وكل شيء استدار فهو طوق ، والمطوقة : الحمامة التي في عنقها طوق.
انظر : النهاية : ٣ ـ ١٤٣ ، والقاموس ٣ ـ ٢٥٩ ، ومجمع البحرين ٥ ـ ٢٠٩ ـ ٢١٠. وحاصل المعنى إني لأجعلن في عنقك طوقا كطوق الحمامة لا يفارقك أبدا.