قلنا : يجوز أن يريد بقوله ما أحببت قتله ولا كرهته .. أن ذلك لم يكن مني على سبيل التفصيل ولا خطر لي ببال ، وإن كان على سبيل الجملة يحب (١) قتل من غلب على أمور المسلمين ، وطالبوه بأن يعتزل (٢) ، لأنه بغير حق مستول عليهم فامتنع من ذلك ، ويكون فائدة هذا الكلام التبرؤ من مباشرة قتله والأمر به على سبيل التفصيل (٣) أو النهي ، ويجوز أن يريد : أنني ما أحببت قتله إن كانوا تعمدوا القتل ولم يقع على سبيل الممانعة وهو غير مقصود ، ويريد بقوله : ما كرهته .. إني لم أكرهه على كل حال ومن كل وجه. انتهى.
وأقول : يمكن أن يكون المعنى : إني ما أحببت قتله لتضمنه الفتن العظيمة التي نشأت بعد قتله من ارتداد آلاف من المسلمين وقتلهم وعدم استقرار الخلافة عليه صلوات الله عليه ، ولا كرهته (٤) لأنه كان كافرا مستحقا للقتل ، فلا تنافي بين الأمرين.
وأما تركه غير مدفون ثلاثة أيام :
فقد رواه ابن عبد البر في الإستيعاب (٥) ، قال : لما قتل عثمان ألقي على المزبلة ثلاثة أيام ، فلما كان في الليل (٦) أتاه اثنا عشر رجلا فيهم حويطب بن عبد العزى وحكيم بن حزام (٧) وعبد الله بن الزبير ومحمد بن حاطب (٨) ومروان بن الحكم فلما ساروا إلى المقبرة ليدفنوه (٩) ناداهم قوم من بني مازن : والله لئن دفنتموه
__________________
(١) في الشافي : يجب.
(٢) في المصدر : بأن يعزل.
(٣) جاء في الشافي : التفضيل. وهو خلاف الظاهر.
(٤) لا توجد في ( س ) : ولا كرهته.
(٥) الاستيعاب ـ المطبوع هامش الإصابة ـ ٣ ـ ٨٠.
(٦) في المصدر : من الليل.
(٧) لعله يقرأ : خرام ـ بالخاء المعجمة ـ.
(٨) في الاستيعاب : وجدي ، بدلا من : ومحمد بن حاطب ومروان بن حكم. وفيه : فاحتملوه.
(٩) في ( س ) : ليدفنوهم.