فقال له أبو ذر (١) : قد نصحتك فاستغششتني ونصحت صاحبك فاستغشني. فقال عثمان : كذبت ، ولكنك تريد الفتنة وتحبها ، قد (٢) قلبت الشام علينا. فقال له أبو ذر : اتبع سنة صاحبيك ، لا يكون لأحد عليك كلام. فقال له عثمان : ما لك ولذلك لا أم لك!. فقال أبو ذر : والله ما وجدت لي عذرا إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فغضب عثمان وقال : أشيروا علي في هذا الشيخ الكذاب! ، إما أن أضربه أو أحبسه أو أقتله ، فإنه قد فرق جماعة المسلمين ، أو أنفيه من الأرض ، فتكلم علي عليه السلام وكان حاضرا ـ ، فقال : أشير عليك بما قال مؤمن آل فرعون : ( وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ) (٣) ، فأجابه عثمان بجواب غليظ لم أحب أن أذكره ، وأجابه علي عليه السلام بمثله.
ثم إن عثمان حظر على الناس أن (٤) يقاعدوا أبا ذر ويكلموه ، فمكث كذلك أياما ، ثم أمر أن يؤتى به ، فلما أتي به و (٥) وقف بين يديه ، قال : ويحك يا عثمان! أما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورأيت أبا بكر وعمر! ، هل رأيت هذا هديهم ، إنك لتبطش في (٦) بطش جبار!. فقال : اخرج عنا من بلادنا. فقال أبو ذر : فما أبغض إلي جوارك! فإلى (٧) أين أخرج؟. قال : حيث شئت. قال : فأخرج إلى الشام أرض الجهاد. فقال : إنما جلبتك من الشام لما قد أفسدتها ، أفأردك إليها؟!. قال : إذن أخرج (٨) إلى العراق .. قال : لا. قال : ولم؟. قال :
__________________
(١) في المصدر : قال أبو ذر.
(٢) في ( ك ) : وقد.
(٣) الغافر : ٢٨.
(٤) لا توجد في المصدر : أن.
(٥) في الشافي : وقف ـ بلا واو ـ.
(٦) في المصدر : إنك تبطش بي.
(٧) زيادة : قال ، جاءت في الشافي قبل : فإلى.
(٨) في المصدر : أفأخرج ، بدلا من : إذن أخرج.