الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق (١) من أبي ذر ، شبيه عيسى ابن مريم. فقال عمر بن الخطاب كالحاسد ـ : يا رسول الله (ص)! أفنعرف ذلك له؟. قال : نعم ، فاعرفوه.
قال : أخرجه الترمذي (٢) ، وقال : قد روى بعضهم هذا الحديث فقال : أبو ذر يمشي في الأرض بزهد عيسى ابن مريم (٣).
__________________
(١) لا توجد في ( س ) : أصدق. وفي جامع الأصول : ولا أصدق ولا أوفى.
(٢) صحيح الترمذي ٢ ـ ٢٢١.
(٣) يمكن عد حديث صدق أبي ذر وزهده من أظهر مصاديق التواتر المعنوي ، إذ أخرجه جملة الحفاظ على اختلاف ألفاظه كابن سعد والترمذي وابن ماجة وأحمد وابن أبي شيبة وابن جرير وأبي عمر وأبي نعيم والبغوي والحاكم وابن عساكر والطبراني وابن الجوزي وغيرهم.
انظر : الطبقات ٤ ـ ١٦٧ و ١٦٨ ، سنن ابن ماجة ١ ـ ٦٨ ، مسند أحمد ٢ ـ ١٦٣ و ١٧٥ و ٢٢٣ ، و ٥ ـ ١٩٧ ، و ٦ ـ ٤٤٢ ، مستدرك الحاكم ٣ ـ ٣٤٢ ، و ٤ ـ ٤٨٠ وقد صححه وأقره عليه الذهبي ، مصابيح السنة ٢ ـ ٢٢٨ ، صفة الصفوة ١ ـ ٣٤٠ ، الاستيعاب ١ ـ ٨٤ ، مجمع الزوائد ٩ ـ ٣٢٩ ، الإصابة لابن حجر ٣ ـ ٦٢٢ و ٤ ـ ٦٢ ، كنز العمال ٦ ـ ١٦٩ و ٨ ـ ١٥ ـ ١٧ ، وجملة كتب الحديث والرجال والتراجم.
وجاء عن طريق العامة جملة روايات في فضل أبي ذر نذكر منها أمثلة :
منها : ما جاء في السيرة النبوية لابن هشام ٤ ـ ١٧٩ : رحم الله أبا ذر يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده. وأخرجه في الطبقات ٤ ـ ١٧٠ ، الاستيعاب ١ ـ ٨٣ ، وأسد الغابة ٥ ـ ١٨٨ ، والإصابة ٤ ـ ١٦٤.
ومنها : ما ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ ـ ٣٩ أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة : علي وعمار وأبي ذر.
وقد أورد الحاكم في مستدركه ٣ ـ ٣٤٤ ، بإسناده عن عبد الرحمن بن غنم ، قال : كنت مع أبي الدرداء فجاء رجل من قبل المدينة ، فسأله فأخبره : أن أبا ذر مسير إلى الربذة ، فقال أبو الدرداء : إنا لله وإنا إليه راجعون ، لو أن أبا ذر قطع لي عضوا أو يدا ما هجنته بعد ما سمعت النبي (ص) يقول : ما أظلت .. إلى آخره. وقريب منه في مسند أحمد ٥ ـ ١٩٧.
ولنختم البحث بكلام سيد الوصيين وأمير المؤمنين عليهالسلام إذ يقول :
« يا أبا ذر! إنك غضبت لله فارج من غضبت له ، إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك ، فاترك في أيديهم ما خافوك عليه ، واهرب منهم بما خفتهم عليه ، فما أحوجهم إلى ما منعتهم