بن عفان وهو الخليفة يومئذ ـ ، فسألته عن شيء من أمر ديني ، وقلت : يا أمير المؤمنين! إني رجل من أهل اليمن من بني الحارث (١) بن كعب ، وإني أريد أن أسألك عن أشياء (٢) فأمر حاجبك أن لا يحجبني. فقال : يا وثاب! إذا جاءك هذا الحارثي فأذن له. قال : فكنت إذا جئت قرعت (٣) الباب ، قال : من ذا؟ فقلت :الحارثي ، فيقول : ادخل ، فدخلت يوما فإذا عثمان جالس وحوله نفر سكوت لا يتكلمون كأن على رءوسهم الطير ، فسلمت ثم جلست ، فلم أسأله عن شيء لما رأيت من حالهم وحاله ، فبينا أنا كذلك إذا جاء نفر فقالوا : إنه أبى أن يجيء قال : فغضب وقال : أبى أن يجيء؟! اذهبوا فجيئوا به ، فإن أبى فجروه جرا ، قال : فمكثت قليلا فجاءوا ومعهم رجل آدم طوال أصلع في مقدم رأسه شعرات وفي قفاه شعرات ، فقلت : من هذا؟. قالوا : عمار بن ياسر. فقال له عثمان : أنت الذي يأتيك (٤) رسلنا فتأبى أن تجيء؟. قال : فكلمه بشيء لم أدر ما هو ، ثم خرج فما زالوا ينفضون من عنده حتى ما بقي غيري ، فقام ، فقلت : والله لا أسأل عن هذا الأمر أحدا ، أقول : حدثني فلان حتى أدري ما يصنع (٥) ، فتبعته حتى دخل المسجد ، فإذا عمار جالس إلى سارية (٦) وحوله نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم يبكون. فقال عثمان : يا وثاب! علي بالشرط ، فجاءوا. فقال : فرقوا (٧) بين هؤلاء ، ففرقوا بينهم ، ثم أقيمت الصلاة فتقدم عثمان فصلى بهم ، فلما كبر قالت امرأة من حجرتها : يا أيها الناس! .. ثم تكلمت فذكرت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وما بعثه الله به ، ثم قالت : تركتم أمر الله
__________________
(١) في ( ك ) : الحرث ، والمعنى واحد.
(٢) لا توجد في المصدر : عن أشياء.
(٣) في شرح النهج : فقرعت.
(٤) في المصدر : تأتيك.
(٥) في ( س ) : تصنع.
(٦) قال في القاموس ٤ ـ ٣٤١ : السارية : الأسطوانة.
(٧) في ( ك ) : افرقوا.