فكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها إلا ما بقي ، فتلك التي أخر ، وأما (١) الذي قدم ، فالزوج له النصف فإذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع إلى الربع لا يزيله عنه شيء ، والزوجة لها الربع فإذا زالت عنه صارت إلى الثمن لا يزيلها عنه شيء ، والأم لها الثلث فإذا زالت عنه صارت إلى السدس لا يزيلها عنه شيء ، فهذه الفرائض التي قدم الله عز وجل ، وأما التي أخر ، ففريضة البنات والأخوات لهن النصف والثلثان ، فإذا أزالتهن الفرائض عن ذلك لم يكن لهن إلا ما بقي ، فتلك التي أخر ، فإذا اجتمع ما قدم الله تعالى وما أخر (٢) ، بدئ بما قدم الله فأعطي حقه كاملا ، فإن بقي شيء كان لمن أخر (٣) ، وإن لم يبق شيء فلا شيء له ، فقال له زفر بن أوس : فما منعك أن تشير بهذا الرأي على عمر؟. فقال : هبته (٤) ، والله وكان امرأ مهيبا ، قال الزهري : والله لو لا أن تقدم ابن عباس إمام عدل كان أمره على الورع أمضى أمرا وحكم به وأمضاه لما اختلف على ابن عباس اثنان (٥).
__________________
(١) في ( س ) : فأما. وفي الروضة : فأما التي.
(٢) في المصدر : وما الله أخر ، بدلا من : الله تعالى وما أخر.
(٣) زيادة : الله ، بعد : أخر ، جاءت في المصدر.
(٤) إلى هنا جاء في المصادر السالفة باختلاف في اللفظ.
(٥) نذيل هذا المقام بذكر قضيتين :
الأولى : ما رواها الحاكم في المستدرك ٤ ـ ٣٣٩ ، بسنده عن معمر عن الزهري عن ابن سلمة ، قال : جاء إلى ابن عباس رجل ، فقال : رجل توفي وترك بنته وأخته لأبيه وأمه؟. فقال : لابنته النصف وليس لأخته شيء. قال الرجل : فإن عمر قضى بغير ذلك ، جعل للابنة وللأخت النصف. قال ابن عباس : أنتم أعلم أم الله؟!. فلم أدر ما وجه هذا حتى لقيت ابن طاوس ، فذكرت له حديث الزهري ، فقال : أخبرني أبي أنه سمع ابن عباس يقول : قال الله عز وجل : ( إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك .. ) قال ابن عباس : فقلتم أنتم لها النصف وإن كان له ولد. قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين. وقد جاء أيضا فيه ٢ ـ ٣١٠ باختلاف يسير في اللفظ ، وقد رواه البيهقي في سننه ٦ ـ ٢٣٣ أيضا. وقال السيد الفيروزآبادي في السبعة من السلف : ٩٢ : إن هذا الإفتاء من عمر كان على وجه الجهل بالآية الكريمة ، وإلا فبعيد منه أنه مع العلم بها يفتي بخلاف ما أنزل الله ، والله أعلم. ولعل مراده رحمهالله أن يجهر بالمخالفة ، وهذا غريب منه مع صراحة آية المتعة والتيمم وغيرهما.