الناس عليه في ذلك فبلغه ، فخطبنا في يوم الجمعة ثم صلى (١) بنا ، ثم عاد إلى المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله (ص) ، ثم قال : أما بعد ، فإن النعمة إذا حدثت حدث (٢) لها حساد حسبها ، وأعداء قدرها ، وإن الله لم يحدث لنا نعما ليحدث لها حساد عليها ، ومتنافسون (٣) فيها ، ولكنه قد كان من بناء منزلنا هذا ما كان إرادة جمع المال فيه وضم القاصية إليه ، فأتانا عن أناس منكم أنهم يقولون : أخذ فيئنا (٤) وأنفق شيئا (٥) واستأثر بأموالنا ، يمشون خمرا ، وينطقون سرا ، كأنا غيب عنهم ، وكأنهم يهابون مواجهتنا ، معرفة منهم بدحوض حجتهم ، فإذا غابوا عنا يروح بعضهم إلى بعضهم يذكرنا ، وقد وجدوا على ذلك أعوانا من نظرائهم ، ومؤازرين من شبهائهم ، فبعدا بعدا! ورغما رغما!.
قال : ثم أنشد بيتين يومئ فيهما إلى علي عليه السلام :
توقد بنار أينما كنت واشتعل |
|
فلست ترى مما تعالج شافيا |
تشط فيقضي الأمر دونك أهله (٦) |
|
وشيكا ولا تدعى إذا كنت نائيا |
وذكر تمام خطبته ، ثم قال : ثم هم بالنزول فبصر بعلي بن أبي طالب عليه السلام ومعه عمار بن ياسر رحمه الله وناس من أهل هواه (٧) يتناجون ، فقال : إيها .. إيها! إسرارا لا جهارا؟! أما والذي نفسي بيده ما أحنق (٨) على جرة (٩) ، ولا
__________________
(١) في ( ك ) : قد صلى.
(٢) في ( س ) : حدت ، وفي المصدرين : حدثت.
(٣) في المصدرين : ومنافسون.
(٤) في ( س ) : فيأ. ولعلها : فيئا ، قد كتبت كذلك.
(٥) في الموفقيات : شيئنا.
(٦) وضع على أهله في ( س ) رمز نسخة بدل.
(٧) في ( ك ) : أهواه.
(٨) في مطبوع البحار : أخنق.
(٩) قال في النهاية ١ ـ ٤٥١ : ( لا يصلح هذا الأمر إلا لمن لا يحنق على جرته ) .. أي لا يحقد على رعيته. والحنق : الغيظ. والجرة : ما يخرجه البعير من جوفه ويمضغه ، والإحناق : لحوق البطن والتصاقه.