النص على واحد بعينه فهو قول متملس (١) متخلص لا يفتات على الناس في آرائهم ، ثم نقض هذا بأن نص على ستة من بين العالم كله ، ثم رتب العدد ترتيبا مخصوصا يئول إلى (٢) أن اختيار عبد الرحمن هو المقدم ، وأي شيء يكون من التحمل أكبر من هذا؟ وأي فرق بين أن يتحملها بأن ينص على واحد بعينه وبين أن يفعل ما فعله من الحصر والترتيب؟!.
ومنها : أنه أمر بضرب أعناق قوم أقر بأنهم أفضل الأمة ـ إن تأخروا عن البيعة أكثر من ثلاثة أيام ، ومعلوم أن بذلك لا يستحقون القتل ، لأنهم إذا كانوا إنما كلفوا أن يجتهدوا آراءهم في اختيار الإمام فربما طال زمان الاجتهاد وربما قصر بحسب ما يعرض فيه من العوارض ، فأي معنى للأمر بالقتل إذا تجاوز الأيام الثلاثة؟.
ثم (٣) أنه أمر بقتل من يخالف الأربعة (٤) ، ومن يخالف العدد الذي فيه عبد
__________________
(١) في حاشية ( ك ) : الملاسة : ضد الخشونة ، يقال : ملسته فتملس ، وانملس من الأمر : أفلت منه.
والافتيات : افتعال من الفوت وهو السبق إلى الشيء دون ائتمار من يؤتمن ، يقال : افتات عليه بأمر كذا .. أي فاته به ، وفلان لا يفتات عليه .. أي لا يعمل بشيء دون أمره. [ منه ( رحمهالله ) ].
انظر : الصحاح ٣ ـ ٩٧٩ ـ ٩٨٠ و ١ ـ ٢٦٠ ، ولسان العرب ٦ ـ ٢٢١ و ٢ ـ ٦٩ ـ ٧٠ ، وفيهما : يؤتمر ، بدلا من : يؤتمن. وهو الظاهر.
(٢) في ( س ) : إلا. وما في الشافي كالمتن.
(٣) لا توجد : ثم ، في ( ك ).
(٤) أقول : أخرج الطبري في تاريخه ٥ ـ ٣٥ قال : قال عمر لصهيب : صل بالناس ثلاثة أيام ، وأدخل عليا وعثمان والزبير وسعدا وعبد الرحمن بن عوف وطلحة ـ إن قدم ـ وأحضر عبد الله بن عمر ـ ولا شيء له من الأمر ـ وقم على رءوسهم ، فإن اجتمع خمسة ورضوا رجلا وأبى واحد فأشدخ رأسه أو اضرب رأسه بالسيف ـ وإن اتفق أربعة فرضوا رجلا منهم وأبى اثنان فاضرب رءوسهما ، فإن رضي ثلاثة رجلا منهم وثلاثة رجلا منهم فحكموا عبد الله بن عمر فأي الفريقين حكم له فليختاروا رجلا منهم ، فإن لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف ، واقتلوا الباقين إن رغبوا عما اجتمع عليه الناس.
وذكره البلاذري في أنساب الأشراف ٥ ـ ١٦ ـ ١٨ ، وابن قتيبة في الإمامة والسياسة ١ ـ ٢٣ ،