يا أمير المؤمنين أن الله اختار من خلقه لذلك من اختار ، فلو أن قريشا (١) اختارت لأنفسها حيث اختار الله لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محدود.
وأما قولك : إنهم أبوا أن يكون لنا النبوة والخلافة .. فإن الله تعالى وصف قوما بالكراهة ، فقال (٢) : ( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ ) (٣) ، وأما قولك : إنا كنا نجحف .. فلو جحفنا بالخلافة لجحفنا بالقرابة ، ولكن أخلاقنا (٤) مشتقة من خلق رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم الذي قال الله في حقه (٥) ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (٦) ، وقال له : ( وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (٧).
فقال عمر : على رسلك يا ابن عباس! ، أبت قلوبكم يا بني هاشم إلا غشا في أمر قريش لا يزول ، وحقدا عليها لا يحول. فقال ابن عباس : مهلا يا أمير المؤمنين! ، لا تنسب قلوب بني (٨) هاشم إلى الغش فإن قلوبهم من قلب رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] الذي طهره الله وزكاه ، وهم أهل البيت الذي قال الله تعالى فيهم (٩) : ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (١٠) ، وأما قولك : حقدا .. فكيف لا يحقد من غصب شيئه ، ويراه في يد
__________________
(١) في الشرح : فلو نظرت قريش من حيث نظر الله لها لوفقت وأصابت قريش ، بدلا من قوله : فلو أن قريشا .. إلى قوله : ولا محدود.
(٢) في المصدر : أما قول أمير المؤمنين : إن قريشا كرهت .. فإن الله تعالى قال لقوم ..
(٣) سورة محمد (ص) : ٩.
(٤) في شرح النهج : فلو جخفنا بالخلافة جخفنا بالقرابة ولكنا قوم أخلاقنا ..
(٥) لا توجد في المصدر : في حقه ، وبدلا منها : تعالى.
(٦) القلم : ٤.
(٧) الشعراء : ٢١٥.
(٨) لا توجد في المصدر : قلوب بني. وكلمة : هاشم ، فيه بالرفع.
(٩) في شرح النهج : لهم.
(١٠) الأحزاب : ٣٣.