وروى أيضا ابن أبي الحديد (١) ، عن ابن عباس ، قال : دخلت على عمر في أول خلافته وقد ألقي له صاع من تمرة (٢) على خصفة (٣) فدعاني إلى الأكل ، فأكلت تمرة واحدة ، وأقبل يأكل حتى أتى عليه ، فشرب من جرة كانت (٤) عنده ، واستلقى على مرفقة له ، وطفق يحمد الله .. ويكرر ذلك ، ثم قال : من أين جئت يا عبد الله؟. قلت : من المسجد. قال : كيف خلفت ابن عمك؟ ، فظننته يعني عبد الله بن جعفر ، قلت : خلفته يلعب مع أترابه. قال : لم أعن ذلك ، إنما عنيت عظيمكم أهل البيت. قلت : خلفته يمتح بالغرب (٥) على نخيلات من فلان ويقرأ (٦) القرآن. قال : يا عبد الله! عليك دماء البدن إن كتمتنيها ، هل بقي في نفسه شيء من أمر الخلافة؟. قلت : نعم. قال : أيزعم أن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] نص عليه (٧)؟. قلت : نعم ، وأزيدك : سألت أبي عما يدعيه ، فقال : صدق. فقال عمر : لقد كان من رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] في أمره زرء (٨)
__________________
(١) في شرح نهج البلاغة ١٢ ـ ٢٠ ـ ٢١ ، بتصرف.
(٢) في المصدر : من تمر ـ بلا تاء ـ.
(٣) قال في الصحاح ٤ ـ ١٣٥١ : الخصفة ـ بالتحريك ـ : الجلة التي تعمل من الخوص للتمر.
وأضاف في النهاية ٢ ـ ٣٧ .. وكأنها فعل بمعنى مفعول من الخصف ، وهو ضم الشيء إلى الشيء لأنه شيء منسوج من الخوص ، وجاء في مجمع البحرين ٥ ـ ٤١ ، والقاموس ٣ ـ ١٣٤.
(٤) في الشرح : ثم شرب من جر كان. وفي ( ك ) : كان ، بدلا من : كانت.
أقول : الجر ـ بفتح الجيم وتشديد الراء ـ آنية من خزف ، الواحدة : جرة. انظر : الصحاح ٢ ـ ٦١١.
(٥) جاء في حاشية ( ك ) : والغرب : الدلو العظيم. صحاح.
أقول : قاله في الصحاح ١ ـ ١٩٣. ومتح الماء يمتحه متحا : إذا نزعه. ذكره الجوهري في الصحاح ١ ـ ٤٠٣ ، وابن الأثير في النهاية ٤ ـ ٢٩١ ، والطريحي في المجمع ٢ ـ ٤١١ ، والفيروزآبادي في القاموس ١ ـ ٢٤٨.
(٦) في المصدر : وهو يقرأ.
(٧) فيه ، بدلا من : عليه ، جاءت في ( س ).
(٨) في الشرح : ذرو. يقال : ذرو من قول .. أي طرف منه ولم يتكامل. والذرو : الناقص والحقير والشيء المعيوب.